CHARBEL KRAYEM

الصحافة الرياضية في لبنان

نرجو اعلامنا عن كل نقص او تعديل

شربل كريّم

CHARBEL KRAYEM

- شربل كريم محرر رياضي في جريدة الاخبار اللبنانية

- مقدم برنامج الرياضة على قناة تلفزيون لبنان 2015

- مقدم برنانج الرياضة على قناة MTV اللبنانية 2017

- من ابرز من حلل المواضيع الرياضية -هنيأ لنا ونفتخر بقلمكم النظيف ( عبدو جدعون)

من ابرز ما كتب الاستاذ شربل كريّم

قُضي الأمر: إنه الأفضل في التاريخ

كأس العالم شربل كريّم الإثنين 19 كانون الأول 2022

الأرجنتين بطلة للعالم، وميسي الأفضل في التاريخ. هي المعادلة النهائية التي أرساها أجمل مونديال، في ختامٍ بدا وكأنه فيلمٌ سينمائي أراد مخرجه أن تكون نهايته رومانسية حيث ينتصر البطل ويعيش شعبه بسعادة

البطل هو ليونيل ميسي، والبطولة للأرجنتين في سيناريو لمسلسلٍ طويل بدأ منذ سنواتٍ عدة ووصل إلى حلقته الأخيرة في كأس العالم 2022، حيث وقف الجمهور منتظراً نهاية درامية مبكية أو نهاية سعيدة تُخلّدها الذاكرة إلى الأبد، وهو ما حصل.
قبل أقل من شهرٍ من الزمن عاشت الأرجنتين حالة صدمة مع سقوط منتخبها أمام السعودية في بداية مشوارها المونديالي، ما دفع الكل إلى التشكيك بقدرات «الألبيسيليستي»، وبدأ الحديث عن خيبة جديدة لنجمه الأول وقائده ميسي، وعن نهاية حزينة لقصة تألق تاريخية ستكون ناقصة في نهاية المطاف.
لكن الكل نسي أمراً واحداً وهو أن القرار ليس عند أي منتخبٍ منافس أو عند أي محلل بل عند «أسطورة» حيّة وعند مجموعة من المؤمنين به، والذين يلعبون من أجله، ويريدون أن يشهدوا كغيرهم من متابعي الكرة حول العالم على نهايةٍ جميلة للقصة التي ما انفكت تقلب صفحات ذهبية ممزوجة باللوحات الكروية الرائعة.

الأفضل منذ زمن
هذه القصة لم تبدأ اليوم، إذ نسي كثيرون ما فعله ميسي للأرجنتين، وركزوا على أمرٍ واحد لإدانته بالنقص فقالوا عليه أن يفوز بكأس العالم ليثبت أنه الأفضل في التاريخ.
فات هؤلاء أن ميسي فاز بكل شيء تحت راية بلاده، وكأنه بدأ في كتابة قصته الجميلة صفحةً وراء أخرى ليصل إلى الصفحة الأخيرة ويختمها بلمسته الذهبية ويبكي الجميع فرحاً.
العودة إلى عام 2005 تكشف بأن ما حصل كان قدراً. ميسي يتوّج بلقب كأس العالم للشباب، ويتوّج بلقب أفضل لاعب وأفضل هداف، ويسجّل في النهائي أمام نيجيريا من ركلتي جزاء ويهدي الأرجنتين لقبها الخامس. بعدها بعامين كان اللقب السادس القياسي، وأحد أبطاله الأساسيين كان أنخيل دي ماريا صاحب الأهداف الثلاثة، والذي كان في نهائي مونديال قطر أفضل اللاعبين الأرجنتينيين خلال تواجده على أرض الملعب. ميسي ودي ماريا ذهبا بعدها إلى دورة الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008 فأحرزوا الميدالية الذهبية بهدفٍ سجله الأخير في مرمى نيجيريا، ومن ثم فعلها مجدداً العام الماضي بتسجيله هدف الفوز في نهائي كوبا أميركا أمام البرازيل.
المفارقة أيضاً أنهما وُلدا في روساريو وترافقا سويّاً في مسيرةٍ دولية طويلة، وانتظرا حتى ظهور مجموعة مقاتلين عدائيين إلى جانبهم في المنتخب، أمثال رودريغو دي بول، إنزو فرنانديز، كريستيان روميرو، ليساندرو مارتينيز، لياندرو باريديس، خوليان الفاريز وأليكس ماكاليستر وغيرهم. انتظروهما ليقاتلوا معهما وليكتبوا السيناريو الأخير لقصةٍ أراد الكل أن يكون ميسي بطلها الأوحد.
هم لعبوا لأجله، كما قال حارس المرمى الرائع إيميليانو مارتينيز. أرادوا أن يهدوه ما يستحق، وأرادوا أن يشكروه باسم كل محبي اللعبة على ما صنعه من أفراح طوال سنوات. كما أرادوا أن يحققوا أمنيات وتوقعات الراحل الكبير دييغو أرماندو مارادونا، وأرادوا أن يترجموا تلك الأغنية الشهيرة التي أنتجها هتاف الشعب القائل: ميسي سيجلب لنا الكأس.

الكأس للشعب
ذاك الشعب الذي يقارب الـ 45 مليون نسمة احتاج إلى هذه الكأس بلا شك، فهو يرزح منذ سنواتٍ طويلة تحت أزمةٍ اقتصادية مرعبة، أوصلت 36.5% من شعبه إلى الفقر وسط توقعات تشير بأن نسبة التضخم ستصل إلى 90% مع نهاية السنة الحالية.
شعبٌ يعيش قهراً وينتظر فرجاً، فجاءه منقذٌ ليحقق «النبوءة» التي طفت في المرة الأولى التي ظهر فيها بالقميص الرقم 10 للمنتخب الأرجنتيني حيث قيل: لقد وجدنا هذه المرّة فعلاً خليفة مارادونا.
الواقع أن أحداً لم يكن بمقدوره أن يكون خليفة «الولد الذهبي» سوى ميسي نفسه. لكن الأخير تخطى قدوته بأشواط، وبدا أقوى ذهنياً وأقوى فنياً وأقوى في رغبته الجامحة لتحقيق ما سعى إليه طوال مشواره الذهبي. «ليو» في سن الـ35 لعب على أعلى مستوى وامتلك روحاً قيادية وبدا كأنه لم يخسر شيئاً من موهبته الفذة التي ميّزته عن كل من لمس الكرة عبر التاريخ.
بالفعل لن يجرؤ أحد بعد اليوم على مقارنة ميسي بأي لاعبٍ آخر، إذ إن الرجل خرج كأفضل لاعبٍ في المونديال، وهو أيضاً كان شريكاً في صدارة الهدافين، وفي المركز الأول لأفضل الممررين الحاسمين.
هو لا يستسلم. يهدر ركلة جزاء ويسجّل غيرها الكثير، وذهنيته هذه هي التي جعلته يبقى في هذه السن بنفس المستوى الذي بدا عليه قبل 10 أعوام، وذلك بعكس نجومٍ آخرين، على رأسهم طبعاً البرتغالي كريستيانو رونالدو، الذي قيل إنه سيلعب لسن الـ50 بسبب قدراته الجسمانية، لكن الفارق هنا أن الأخير سقط في الامتحان النفسي، فقضى عليه ضعفه البسيكولوجي وجعل نهايته مثيرة للشفقة.
رونالدو خرج باكياً، ومثله نيمار، ولوكا مودريتش، ولويس سواريز، والسبب أن كرة القدم أرادت أن تكون عادلة لمرةٍ نادرة، فتوّجت البطل غير المتوّج، والنجم الذين لن تكون اللعبة من دونه نفس الشيء، والذي ستكون كأس العالم من بعده أعلى قيمة لأنه بكل بساطة لمس ذهبها فشعّ أكثر.

وجوهٌ شابّة ونجومٌ للمستقبل في بطولة كرة السلّة

05-07-2021  شربل كريم

الكثير من الأوجه الفنيّة افتقدتها بطولة لبنان لكرة السلة هذا الموسم، لكنها بلا شك قدّمت وجوهاً جميلة جداً إن كان على الصعيد التدريبي أو على صعيد اللاعبين الذين أخذ بعضهم فرصته لإصابة التألّق أخيراً، وقدّم البعض الآخر نفسه على أنه من نجوم المستقبل

أسماء بارزة افتقدتها بطولة لبنان لكرة السلة في موسمها الحالي الذي شارف على نهايته. لكن رغم سرعة مرور هذا الموسم، فإن وجوهاً عدة قدّمت نفسها بشكلٍ قوي، وتركت انطباعاً جيّداً بأن مستقبل اللعبة بأمان مع مدربين شبان ومثقفين، ومستقبل البطولة سيكون أفضل مع لاعبين عادوا إلى ساحات التألق. كما أن مستقبل لبنان بخير مع نجومٍ صاعدين سيكون لهم شأنٌ في المستقبل القريب.
الواقع أنه يمكن أخذ اسم أو أكثر من كل فريق والإضاءة عليه من جوانب مختلفة، لكن إن كان لا بدّ من اختيار تشكيلةٍ كاملة مع مدربٍ وحيد يمكن الوقوف عند وجوهٍ معيّنة لفتت الأنظار وباتت حديث الجميع، فأصبحت أرقامها تتحدث عنها بكل بساطة.

جعجع الأفضل تدريبياً
تدريبياً، قدّمت البطولة هذه السنة العديد من المدربين الشبان في ظل غياب المدرب الأجنبي، لا بل إن القسم الأكبر من هؤلاء المدربين سجّلوا بداياتهم في دوري الأضواء، فانتقل جو غطاس من لاعبٍ إلى مدربٍ ليقود الحكمة إلى «الفاينال 4» رغم صعوبة المهمة بفعل التشكيلة التي يملكها. كما أطل جورج «دودي» داغر بإنجازٍ مماثل جاعلاً من فريق أطلس الفرزل «الحصان الأسود» في البطولة. ويضاف إليهما غاسبار إسحق الذي بدّل من وجه بيبلوس في فترةٍ من الفترات بعد تسلّمه له.

لكن مما لا شك فيه أن مدرب النادي الرياضي جورج جعجع كان الأفضل بين كل المدربين، إذ جاءت الخسارة الوحيدة لفريقه أمام أطلس بغيابه إثر إصابته بفيروس «كورونا». واللافت أنه منذ عودته قدّم الرياضي أداءً ممتعاً بعيداً من الفوز بمبارياته بسهولةٍ تامة.
تميّز المدرب الشاب الذي لا يتجاوز عمره الـ 26 سنة (مواليد عام 1995)، يبدأ من هذه النقطة، إذ إن الكثير من لاعبيه يفوقونه سنّاً، وخبرةً في الدرجة الأولى على أرض الملعب، وهو الذي لعب مثلاً مع لاعبه الحالي مازن منيمنة في الفريق نفسه في بيبلوس، وواجه جان عبد النور وأمير سعود وغيرهما مراراً. لكن رغم صغر سنّه فقد تمكن من فرض شخصيته بحُكم رفعة مستواه الفني ونضجه على الصعيد التكتيكي، وهو ما بدا واضحاً من خلال الخطط التي وضعها لكل لاعبٍ على أرض الملعب، ومن خلال إصراره على احترام كل الخصوم ودفع لاعبيه إلى الأفضل في كل مباراة حتى لو كان متقدّماً بفارقٍ كبير.

مدربٌ أصغر من لاعبيه ومواهب شابة خطفت الأضواء بغياب الأجانب

جعجع الذي جاء إلى الرياضي بتوصية من المدرب السابق أحمد فران سينتزع من الأخير لقب أصغر مدرب يحرز بطولة لبنان في حال تتويجه باللقب، وهو أمر غير مستبعد، ليتحوّل ابن مدينة بشرّي إلى اسمٍ أساسي في معادلة المدربين المحليين، وتتحقق توقعات فران بقدرة خليفته على قيادة «رجال المنارة» إلى الأفضل، وهو الذي أوصى إدارة النادي بالتعاقد معه عندما قرّر الذهاب لخوض مغامرة خارجية في الكويت.

أطلس يقدّم نجمين...
وإذا نظرنا إلى الفرق عامةً، يمكن إيجاد مواهب مثيرة للاهتمام في كلّ منها، لكن لا يخفى أن أطلس فاجأنا بأدائه وبنتائجه، وكذلك بأرقام لاعبيه على الصعيد الفردي.
أحد هؤلاء اللاعبين الذي بقي في الظل لفترةٍ غير قصيرة هو صانع الألعاب جوي زلعوم، الذي مرّ مثلاً بالرياضي لكن بوجود وائل عرقجي وغيره من المميّزين في المركز الرقم 1 لم يتمكن من الحصول على الكثير من دقائق اللعب. أما مع الفريق البقاعي، فنافس زلعوم كل صانعي الألعاب على المركز الأول على صعيد أفضل ممرري الكرات الحاسمة، بحيث يحتل المركز الثاني بـ 8.05 تمريرات في المباراة الواحدة، وبفارق بسيط عن نجم الحكمة علي مزهر صاحب المركز الأول بـ 8.56 تمريرات.
وإذا كان نجل المدرب رزق الله زلعوم هو صاحب الدور القيادي الأكبر في الفريق الذي برز منه لاعبٌ آخر عاش الحالة نفسها مع الرياضي أي هشام الحلو، فإن تأثير وجود مارك أبي خرس في المركز الرقم 4 لا يمكن تجاهله إطلاقاً.
هذا الشاب الذي أخذ فرصته كغيره من اللاعبين الشبان بغياب العنصر الأجنبي، فرض حضوراً قوياً تحت السلة في الجانبين الدفاعي والهجومي، فظهر على لائحة أفضل عشرة مسجلين بمعدّل 16.1 نقطة في المباراة الواحدة، وتسيّد لائحة أفضل ملتقطي الكرات المرتدة بـ 12.1 ريباوند في المباراة، منها 8.05 دفاعياً، و4.05 هجومياً حيث تبوّأ الصدارة أيضاً في الحالتين.

...والحكمة أيضاً
وبالصورة نفسها أطلّ لاعب الحكمة كريستوف خليل متألقاً في التسجيل والمتابعات، فنافس بقوة أبي خرس في الجانب الثاني، وهو الذي يلعب في المركز نفسه أيضاً.
خليل فاجأ الجميع بأدائه المتميّز الذي يمزج بين الروح القتالية والسرعة والفعّالية من المسافات المختلفة، ما يجعله من اللاعبين الذين يمكنهم التحوّل إلى الساحة الدولية من دون مشكلات كثيرة، وخصوصاً أنه أظهر تطوّراً لافتاً مباراةً بعد أخرى، ما جعله عنصراً لا غنى عنه في تشكيلة غطاس.

لكنّ أكثر اللاعبين خوضاً للدقائق في الفترة الأخيرة، والذي اعتمد عليه مدرب الحكمة كثيراً هو مارك خويري «بوبو». لاعبٌ صغير يحتاج بلا شك إلى المزيد من الخبرة التي ستُكسبه نضجاً أكبر، لكنه رغم صغر سنّه فقد أظهر شخصية قوية على أرض الملعب بُحكم ثقته الكبيرة بنفسه، مستفيداً من إمكانات بدنية مميزة جعلته مدافعاً صلباً، ولاعباً قادراً على اختراق الدفاعات المختلفة وتسجيل السلات.
كما ينافس كل هؤلاء على النجومية لاعب الرياضي مارك خوري الذي بلا شك يُعدّ أفضل لاعب سادس في البطولة، وهو في كل مرّة يدخل فيها إلى أرض الملعب يترك بصمةً مهمة جداً، بحيث يستعين به جعجع لخلق التوازن بين الدفاع والهجوم، مستغلاً رغبته الكبيرة في اللعب وحيويته، إضافةً إلى قتاله تحت السلة على كل كرة مرتدة حيث يؤمّن غالباً فرصةً ثانية له أو لزملائه.
«سوبر مارك» هو أيضاً من اللاعبين الذين يبشّرون بمستقبلٍ جيّد قد يحمله إلى المنتخب الوطني، وذلك بعدما استغلّ فرصته على أكمل وجه هذه المرّة مع أحد الفرق الكبرى بعد مروره بالشانفيل ثم بيبلوس ولاحقاً الحكمة.
وتضاف إلى كل هذه المواهب أسماء أخرى لا يمكن إغفال حضورها اللافت بعد حصولها على فرصة للظهور، أمثال ثنائي هومنتمن كارل زلعوم وكريم جدايل، وهدّاف المتحد طرابلس ابراهيم حداد، ولاعب أطلس جان مارك جرّوج، وغيرهم الكثيرين ممن ينتظرون بشغف منذ الآن بداية الموسم المقبل بعد خروج فرقهم من السباق إلى اللقب.

أولى ضحايا الرياضة اللبنانية تخرج من الظلمة

25-03-2021
شربل كريم
عند بدء التحركات الشعبية في 17 تشرين الأول 2019، كانت كرة السلة أول ضحية بين الرياضات اللبنانية، فاختفت عن الساحة لفترةٍ طويلة، وبحثت عن طريق عودةٍ لن تكون كسابقاتها.
بعد تأجيلٍ متواصلٍ لموعد عودتها بعد غيابٍ لحوالى سنة ونصف، يُفترض أن تنطلق بطولة لبنان لكرة السلة يوم الجمعة بعدما أصدر الاتحاد اللبناني للعبة أخيراً جدول المباريات.
بطولةٌ لن تكون كسابقاتها أبداً، وهذا ما يتفق عليه الجميع بفعل الظروف المختلفة التي ظلمتها وأصابتها مباشرةً وأثّرت عليها سلباً، إذ بعدما كانت بطولة لبنان لكرة السلة الأهم في الشرق الأوسط وربما العالم العربي، تراجعت سنواتٍ عديدة الى الوراء بسرعةٍ قياسية، وذلك في ظل إغلاق أبواب الملاعب أوّلاً، ومن ثم في ظل غياب العامل الأبرز الذي صنع قوّتها وهو المال، وثالثاً بسبب تفشي وباء «كورونا» الذي عطّل عودتها مراتٍ عدة وأبعد جمهورها عنها.
والأكيد أن عنصر المال هو الأهم في هذه المعادلة ويرخي بظلاله على الموسم الجديد، إذ أن بطولة لبنان لكرة السلة تمكنت بفضل الرواتب العالية التي منحتها الأندية للاعبيها، من الحفاظ على نجومها، وإضافة إليهم أفضل الأجانب الذين يزورون المنطقة، لا بل حتى إن بعضهم برز بعدها في أوروبا ومن ثم في الدوري الأميركي للمحترفين بعدما اعتبر البطولة اللبنانية جسر عبور إلى النجومية.
جزءٌ كبير من هذه النقاط ستغيب في البطولة المزمع انطلاقها يوم غدٍ، إذ يغيب عددٌ من لا بأس به من نجومها الذين هجروا الوطن أو اللعبة أو بقي بعضهم في أجوائها لكن ضمن بطولةٍ عربية أخرى.
لكن ماذا يمكن أن نتوقّعه من بطولة لبنان؟
الواقع أن أي كلامٍ بخصوص المستوى العام لا يجب أن يشمل الموسم كاملاً في هذه المرحلة المبكرة، لكن ما يتفق عليه المراقبون ومن خلال بعض المباريات الوديّة التي اقيمت في الاسابيع القريبة الماضية، سيكون المستوى الفني ضعيفاً في بداية البطولة، وهي مسألة لا يتحمّل مسؤوليتها أحد بل الظروف القسرية التي حتّمت غياباً طويلاً للاعبين عن المباريات والتمارين وابتعادهم بالتالي عن المنافسات بعدما اعتادوا على لعب مباراتين رسميتين أو أكثر في أسبوعٍ واحد، ما يعني أنهم سيحتاجون إلى بعض الوقت للدخول في أجواء اللعبة من جديد.
وعن التنافس يمكن القول إن البطولة ستشكّل تجربةً جديدة في غياب اللاعبين الأجانب الذين وصل عددهم إلى ثلاثة على أرض الملعب في مواسم خلت، ما رفع من سقف التحدي بين الفرق، وزاد من الاستعراض الذي يضفي متعةً على الأجواء التنافسية التي اعتاد عليها جمهور اللعبة حيث بدت كل الفرق في مستوى متقارب في فترةٍ من الفترات، ما جعل عملية توقّع هوية الفائز في أي مواجهة مسألة غير سهلة.
وعند نقطة الأجانب يجب التوقّف، حيث يؤمل أن تتمّ إعادة النظر بمسألة وجود لاعبٍ أجنبي أقلّه في المراحل النهائية، إذ أن هذه المسألة من شأنها أن ترفع من مستوى اللاعب المحلي ومن المستوى العام أيضاً، فالتجربة الأردنية على هذا الصعيد كانت خير دليل، إذ عندما غاب الأجانب هبط مستوى الفرق المحلية ومعها المنتخب الوطني. وهنا لا ضير من القول إن هذه الحاجة يمكن للفرق التي ستبلغ «الفاينال فور» أن تسدّها من خلال استقدام أجنبي بسعرٍ ومستوى مقبول يقارب الـ 3000 دولار اميركي شهرياً مثلاً، وذلك بعد هبوط الأسعار في الأسواق المجاورة حيث انتقل نجوم لبنانيون أيضاً بمبالغ لا تتجاوز نصف عقودهم السابقة مع الفرق اللبنانية.
يتفق المراقبون على أن المستوى الفني سيكون ضعيفاً في بداية بطولة لبنان لكرة السلة
بطولة العودة إلى الحياة (ستقام بنظام الدوري من ذهاب وإياب ومن ثم المربع الذهبي وبعدها النهائي) التي تشارك فيها 10 فرق هي الرياضي، الحكمة، الشانفيل، أطلس، هوبس، بيبلوس، بيروت، أنيبال زحلة، هومنتمن والمتحد طرابلس، ستفتقد فعلاً إلى نجومٍ مثل وائل عرقجي، كريم عزّ الدين، علي حيدر، جوزف الشرتوني، وغيرهم من المميزين الذين أصبحوا مع أبرز المدربين خارج لبنان، ومنهم قد يلتحق بفريقه في مراحل لاحقة ومنهم من سيغيب عنها. وهذا المشهد سيقدّم فرقاً من دون نجومٍ وبلاعبين ليس لديهم خبرة أو تجربة طويلة في الدرجة الأولى، ما قد يفرز فوارق فنية واضحة في بعض المباريات.
لكن الجانب الإيجابي في هذا الإطار هو أن بعض الشبان سيأخذون دوراً على أرض الملعب، وستتمكن بعض الأندية التي يصحّ القول إنها تشارك كـ«رفع عتب» أن تؤسس وتنطلق من النقطة الصفر بعدما أرهقها التضخم الذي أصاب اللعبة في الأعوام الماضية، ولو أن هناك رأياً يقول بأن تقلّص عدد الأندية هذا الموسم إلى 5 فرق مثلاً كان ليعتبر أمراً مفيداً لأنه سيجمع أكبر عدد من اللاعبين المميزين في عددٍ قليل من الفرق، وبالتالي فإن هذه المسألة ستفرز مستوى تنافسياً أفضل.
صحيح أن بطولة لبنان لكرة السلة تعود بالحدّ الأدنى مقارنةً بالماضي القريب، ولا يفترض أن تُرسم حولها توقعات كبيرة، لكن هذه العودة هي أكثر من جيّدة لعدم فقدان المزيد من اللاعبين الذين ينوون ترك الساحة، ولمواصلة عملية التطوير اللعبة من خلال إبقاء الجيل الجديد ضمن عائلتها وعدم تحوّله إلى رياضةٍ أخرى، إضافةً إلى أن صورة وسمعة اللعبة هي أكثر من مهمة، ما يعني أن الهدف الرئيس للجميع يجب أن يتمحور حول التركيز على النقاط الإيجابية الكفيلة بإعادة المستديرة البرتقالية تباعاً إلى قيمتها الفعلية وحياتها الطبيعية.
 

الرياضة اللبنانية «يتيمة» من دون رعاية

31-03-2021   شربل كريم

الرعاية الدعائية هي جزءٌ لا يتجزأ من عالم الرياضة، وهي عاملٌ رئيس في تطوّرها بفعل تأمينها المال اللازم للنمو والازدهار. هنا في لبنان تغيّرت الأوضاع بشكلٍ سريع مع تدهور الوضع الاقتصادي، فابتعد الكثير من المعلنين عن الرياضات الشعبية، ما يترك قلقاً كبيراً حول مستقبلها

العودة إلى تسعينيات القرن الماضي في كرة القدم تتركنا أمام مشاهد واضحة في كرة القدم اللبنانية. الملاعب مليئة باللوحات الإعلانية، والشركات تتسابق لوضع أسمائها على قمصان اللاعبين، ورعاةٌ أرادوا أن تحمل المسابقات أسماء علاماتهم التجارية، ولاعبون يؤدون أدواراً أساسية في دعايات تلفزيونية لتسويق المنتجات، ومنتخبات تحظى برعاية من القطاع الخاص أكثر مما حصلت عليه من الجهات المعنيّة برعايتها.
العودة أيضاً في كرة السلة إلى الأعوام العشرة التي تلت بداية الألفية الجديدة، تبيّن أنها تخطت قيمة عقود الرعاية، بين إعلانات في الملاعب، وأخرى على قمصان الفرق، ومثلها عبر شاشات التلفزيون الـ 10 ملايين دولار أميركي في الموسم الواحد.
لكن كل هذه المشاهد اختفت أو اختفى الجزء الأكبر منها، أقلّه في المواسم الأربعة الأخيرة في كرة القدم، ومن ثم مع بداية الموسم الجديد في كرة السلة. الأمر طبعاً ليس غريباً، إذ أن الأزمة الاقتصادية التي أصابت الكل تركت أثرها السلبي الكبير على انجذاب المعلنين نحو الرياضة التي لطالما شكّلت ملاعبها مساحة جذابة للرعاة الذين حوّلوا الفرق واللاعبين إلى لوحات دعائية متنقلة. طبعاً الهدف كان واضحاً وهو جذب الجمهور إلى الأسواق، فكان مردود الدعم التسويقي والإعلاني أحد الأسباب الرئيسية في التطوّر الكبير على المستوى الفني، إذ أمّنت أبرز الأندية حاجاتها المادية من خلال الشركات التجارية والخاصة التي بقيت مؤمنةً بالرياضة وبأنديتها المجتهدة في تسخير علاقاتها لحشد أكبر عددٍ من المعلنين في ملاعبها، وبالتالي تأمين ميزانياتها.

كرة السلة نموذجاً ناجحاً
كرة السلة كانت النموذج الناجح حول ارتباط التسويق والإعلان بالرياضة وتأمينه البحبوحة لها، فكان الرئيس التاريخي لنادي الحكمة انطوان شويري «المعلّم» الذي وضع الأسس الأولى لتحويل اللعبة إلى «سلعة» مربحة إلى حدٍّ كبير، لدرجةٍ تردّد أنه أوعز مراراً إلى المدرب غسان سركيس بطلب وقتٍ مستقطع في أواخر المباريات حتى لو كان الحكمة فائزاً بنتيجة كبيرة، وذلك بهدف تمرير إعلانٍ من هنا وآخر من هناك عبر التلفزيون الناقل للمباريات.
طبعاً لا شيء مستبعد هنا، إذ إن الرجل امتلك فكراً تسويقياً استثنائياً جعله يؤسس إمبراطورية إعلانية في العالم العربي، وهو الذي خصّ نادي الحكمة وكرة السلة بقسمٍ كبيرٍ من عمله الناجح من خلال دفع الكثير من المعلنين نحو ملاعبها، فانتعشت الأندية وعرف اللاعبون أياماً ذهبية حوّلتهم إلى أثرياء في مدةٍ زمنية قصيرة.

تخطّت قيمة عقود الرعاية في كرة السلة سابقاً الـ 10 ملايين دولار في الموسم الواحد

بعد شويري سار كثيرون على نفس النهج، وخصوصاً رجال الأعمال الذين اقتحموا ساحة المستديرة البرتقالية بحثاً عن استفادة تجارية أو شخصية عبر استثمارات مباشرة في الأندية والملاعب المختلفة لدرجةٍ أنه في بعض الأحيان لم يجد الرعاة مكاناً في القاعات لوضع علاماتهم وشعاراتهم التجارية، فافترشوا الأرض بالإعلانات، لكي يؤمّنوا وجودهم إلى جانب أصحاب الإعلانات على اللوحات.
كل هذا رفع من القيمة المالية للعبة، ورفع بالتالي من قيمة حقوق النقل التلفزيوني الخاصة بها، والتي يذهب 80% من مردودها للأندية، فوصلت هذه القيمة إلى أكثر من مليون و200 ألف دولار في الموسم الواحد عند فضّ العروض في عام 2016.

الحاضر غير الماضي
إذاً شعبية كرة السلة جعلتها مركزاً جذاباً للإعلان، لكن هذه الرياضة التي انطلقت بطولتها يوم الجمعة الماضي بعد توقفٍ لأكثر من سنةٍ ونصف، أصبحت قيمتها التلفزيونية 74 ألف دولار للموسم فقط، وظهرت فيها الفرق التي خاضت المباريات بقمصانٍ نظيفة أي من دونٍ أي راعٍ رسمي.
أمرٌ طبيعي ومتوقّع في ظل الصعوبات المالية التي دفعت شركات كثيرة لتجميد أعمالها أو لإغلاق أبوابها، ومنها للأسف من كان ناشطاً في كرة السلة وكرة القدم أيضاً، حيث عادت الإعلانات هذا الموسم إلى الملعب المركزي للمباريات المنقولة تلفزيونياً بفعل بيع اللوحات الإعلانية بأسعارٍ تشجيعية اختلفت كثيراً عن الماضي، لكنها تحاكي الواقع بحيث تراجع سعر اللوحة الواحدة من 20 ألف دولار كحدٍّ أدنى إلى مبلغٍ يتراوح بين الـ 10 ملايين والـ 25 مليون ليرة لبنانية كحدٍّ أقصى.


بقيت بعض فرق كرة القدم قادرة على تأمين رعاةٍ أساسيين على قمصانها (طلال سلمان)

هنا بقيت بعض فرق كرة القدم قادرة على تأمين رعاةٍ أساسيين على قمصانها، لكنها بطبيعة الحال لم تعتمد عليهم كثيراً في الأعوام العشرة الأخيرة بل على أموال رؤساء الأندية والميسورين من أعضاء الإدارات ومحبي هذه الأندية من الميسورين الذين عمدوا إلى مدّها بالأموال عند الحاجة. كما أن العقود المتواضعة عملياً مقارنةً بالعقود الخاصة بكرة السلة لم تخلق لها الكثير من المشاكل إلا خلال فترات متقطّعة، وذلك لناحية تأمين المدفوعات.
نعود هنا من خلال هذه المقاربة إلى كرة السلة وإلى مشاهد كثيرة وضعت الأندية في خطر مع ابتعاد الرعاة والممولين عنها حيث كانت المشاكل المالية سبباً في فتح معارك قضائية بينها وبين لاعبيها عند عجزها عن الإيفاء بالتزاماتها تجاههم، ما يطرح تساؤلاتٍ كثيرة حول ما يمكن أن يشهده هذا الموسم في حال بقي الوضع المالي في البلاد على حاله، فهل سنكون أمام أزمةٍ عامة بعد خروج أبرز شركات القطاع الخاص عن خط الرعاية الضرورية لاستمرار الحياة السلوية؟
مصادر الأندية البارزة في دوري كرة السلة تستبعد حصول مشاكل من هذا القبيل لأسبابٍ عدة، أوّلها أن كل الأندية عمدت إلى تأمين حاجاتها المالية من خلال علاقاتها بجهاتٍ وشركات قادرة على مساعدتها. أما ثانيها فهو أن الأزمة الاقتصادية بحدّ ذاتها أفادت الأندية واللعبة لناحية خفض مستوى التضخم الكبير الذي أصاب اللعبة في الصميم بعد وصول حجم عقود اللاعبين إلى أرقامٍ غير مسبوقة. وبحسب هذه المصادر فإن الكل اقتنع بالواقع المفروض، وباتت العقود بسيطة مقارنةً بالماضي القريب، وبالتالي فإن رغبة اللاعبين بالعودة إلى النشاط جعلتهم يقبلون بالقليل، في وقتٍ أصبحت فيه الأندية قادرة على تأمين حاجاتها اللوجستية ومستحقاتهم من دون تعقيدات كثيرة، وخصوصاً في ظل اختفاء عبء اللاعبين الأجانب الذين كانوا يكلفونها مئات آلاف الدولارات في كل موسم.
يغيب الرعاة، هذا صحيح، لكن القدرة على التعايش مع الواقع الذي لا مفرّ منه، يمكن أن تكون مسألة مفصلية للوصول إلى نتيجة نهائية إيجابية، فإما يشارك الكلّ في عملية الإنقاذ وتقديم التضحيات والقبول ببعض الخسائر أو التنازلات على غرار ما حصل في كرة القدم، أو ستلاقي اللعبة مصير البلاد التي رفض صقورها الماليون التنازل عن جزءٍ بسيطٍ من أرباحهم لإنقاذها من الانهيار.
 

أولى ضحايا الرياضة اللبنانية تخرج من الظلمة

25-03-2021
شربل كريم
عند بدء التحركات الشعبية في 17 تشرين الأول 2019، كانت كرة السلة أول ضحية بين الرياضات اللبنانية، فاختفت عن الساحة لفترةٍ طويلة، وبحثت عن طريق عودةٍ لن تكون كسابقاتها.
بعد تأجيلٍ متواصلٍ لموعد عودتها بعد غيابٍ لحوالى سنة ونصف، يُفترض أن تنطلق بطولة لبنان لكرة السلة يوم الجمعة بعدما أصدر الاتحاد اللبناني للعبة أخيراً جدول المباريات.
بطولةٌ لن تكون كسابقاتها أبداً، وهذا ما يتفق عليه الجميع بفعل الظروف المختلفة التي ظلمتها وأصابتها مباشرةً وأثّرت عليها سلباً، إذ بعدما كانت بطولة لبنان لكرة السلة الأهم في الشرق الأوسط وربما العالم العربي، تراجعت سنواتٍ عديدة الى الوراء بسرعةٍ قياسية، وذلك في ظل إغلاق أبواب الملاعب أوّلاً، ومن ثم في ظل غياب العامل الأبرز الذي صنع قوّتها وهو المال، وثالثاً بسبب تفشي وباء «كورونا» الذي عطّل عودتها مراتٍ عدة وأبعد جمهورها عنها.

والأكيد أن عنصر المال هو الأهم في هذه المعادلة ويرخي بظلاله على الموسم الجديد، إذ أن بطولة لبنان لكرة السلة تمكنت بفضل الرواتب العالية التي منحتها الأندية للاعبيها، من الحفاظ على نجومها، وإضافة إليهم أفضل الأجانب الذين يزورون المنطقة، لا بل حتى إن بعضهم برز بعدها في أوروبا ومن ثم في الدوري الأميركي للمحترفين بعدما اعتبر البطولة اللبنانية جسر عبور إلى النجومية.
جزءٌ كبير من هذه النقاط ستغيب في البطولة المزمع انطلاقها يوم غدٍ، إذ يغيب عددٌ من لا بأس به من نجومها الذين هجروا الوطن أو اللعبة أو بقي بعضهم في أجوائها لكن ضمن بطولةٍ عربية أخرى.
لكن ماذا يمكن أن نتوقّعه من بطولة لبنان؟

الواقع أن أي كلامٍ بخصوص المستوى العام لا يجب أن يشمل الموسم كاملاً في هذه المرحلة المبكرة، لكن ما يتفق عليه المراقبون ومن خلال بعض المباريات الوديّة التي اقيمت في الاسابيع القريبة الماضية، سيكون المستوى الفني ضعيفاً في بداية البطولة، وهي مسألة لا يتحمّل مسؤوليتها أحد بل الظروف القسرية التي حتّمت غياباً طويلاً للاعبين عن المباريات والتمارين وابتعادهم بالتالي عن المنافسات بعدما اعتادوا على لعب مباراتين رسميتين أو أكثر في أسبوعٍ واحد، ما يعني أنهم سيحتاجون إلى بعض الوقت للدخول في أجواء اللعبة من جديد.
وعن التنافس يمكن القول إن البطولة ستشكّل تجربةً جديدة في غياب اللاعبين الأجانب الذين وصل عددهم إلى ثلاثة على أرض الملعب في مواسم خلت، ما رفع من سقف التحدي بين الفرق، وزاد من الاستعراض الذي يضفي متعةً على الأجواء التنافسية التي اعتاد عليها جمهور اللعبة حيث بدت كل الفرق في مستوى متقارب في فترةٍ من الفترات، ما جعل عملية توقّع هوية الفائز في أي مواجهة مسألة غير سهلة.

وعند نقطة الأجانب يجب التوقّف، حيث يؤمل أن تتمّ إعادة النظر بمسألة وجود لاعبٍ أجنبي أقلّه في المراحل النهائية، إذ أن هذه المسألة من شأنها أن ترفع من مستوى اللاعب المحلي ومن المستوى العام أيضاً، فالتجربة الأردنية على هذا الصعيد كانت خير دليل، إذ عندما غاب الأجانب هبط مستوى الفرق المحلية ومعها المنتخب الوطني. وهنا لا ضير من القول إن هذه الحاجة يمكن للفرق التي ستبلغ «الفاينال فور» أن تسدّها من خلال استقدام أجنبي بسعرٍ ومستوى مقبول يقارب الـ 3000 دولار اميركي شهرياً مثلاً، وذلك بعد هبوط الأسعار في الأسواق المجاورة حيث انتقل نجوم لبنانيون أيضاً بمبالغ لا تتجاوز نصف عقودهم السابقة مع الفرق اللبنانية.
يتفق المراقبون على أن المستوى الفني سيكون ضعيفاً في بداية بطولة لبنان لكرة السلة

بطولة العودة إلى الحياة (ستقام بنظام الدوري من ذهاب وإياب ومن ثم المربع الذهبي وبعدها النهائي) التي تشارك فيها 10 فرق هي الرياضي، الحكمة، الشانفيل، أطلس، هوبس، بيبلوس، بيروت، أنيبال زحلة، هومنتمن والمتحد طرابلس، ستفتقد فعلاً إلى نجومٍ مثل وائل عرقجي، كريم عزّ الدين، علي حيدر، جوزف الشرتوني، وغيرهم من المميزين الذين أصبحوا مع أبرز المدربين خارج لبنان، ومنهم قد يلتحق بفريقه في مراحل لاحقة ومنهم من سيغيب عنها. وهذا المشهد سيقدّم فرقاً من دون نجومٍ وبلاعبين ليس لديهم خبرة أو تجربة طويلة في الدرجة الأولى، ما قد يفرز فوارق فنية واضحة في بعض المباريات.

لكن الجانب الإيجابي في هذا الإطار هو أن بعض الشبان سيأخذون دوراً على أرض الملعب، وستتمكن بعض الأندية التي يصحّ القول إنها تشارك كـ«رفع عتب» أن تؤسس وتنطلق من النقطة الصفر بعدما أرهقها التضخم الذي أصاب اللعبة في الأعوام الماضية، ولو أن هناك رأياً يقول بأن تقلّص عدد الأندية هذا الموسم إلى 5 فرق مثلاً كان ليعتبر أمراً مفيداً لأنه سيجمع أكبر عدد من اللاعبين المميزين في عددٍ قليل من الفرق، وبالتالي فإن هذه المسألة ستفرز مستوى تنافسياً أفضل.

صحيح أن بطولة لبنان لكرة السلة تعود بالحدّ الأدنى مقارنةً بالماضي القريب، ولا يفترض أن تُرسم حولها توقعات كبيرة، لكن هذه العودة هي أكثر من جيّدة لعدم فقدان المزيد من اللاعبين الذين ينوون ترك الساحة، ولمواصلة عملية التطوير اللعبة من خلال إبقاء الجيل الجديد ضمن عائلتها وعدم تحوّله إلى رياضةٍ أخرى، إضافةً إلى أن صورة وسمعة اللعبة هي أكثر من مهمة، ما يعني أن الهدف الرئيس للجميع يجب أن يتمحور حول التركيز على النقاط الإيجابية الكفيلة بإعادة المستديرة البرتقالية تباعاً إلى قيمتها الفعلية وحياتها الطبيعية.

معايير خاصة للمساعدات الوزارية: الدعم لمن يستحقه

24-06-2020
كتب الزميل شربل كريّم في جريدة " الأخبار" اللبنانية صباح الاربعاء 24 حزيران 2020 تحت عنوان: " معايير خاصة للممساعدات الوزارية: الدعم لمن يستحقه فقط" ما يأتي:
هو زمن طلب المساعدات في القطاع الرياضي المترنّح أصلاً منذ زمنٍ بعيد بفعل خضّاته المالية المتلاحقة. الأنظار تتجه الى الاتحادات الدولية القادرة على المساعدة ربما، وطبعاً الى وزارة الشباب والرياضة التي استغاث بها كثيرون ما إن بدأت الأزمات في لبنان. لكن الأكيد أنه وفي خضم الشح المالي في الوزارات أصلاً، يفترض أن توضع معايير محددة لمنح المساعات لمن يستحقّها، وهو ما يحاكيه هذا التقرير من بوابة كرة القدم على سبيل المثال لا الحصر

لا يخفى أن الأزمة الاقتصادية الحالية يمكن أن تدفن الرياضات المختلفة الى أجلٍ غير مسمّى، إذ باتت الأندية بحاجةٍ ماسّة الى مساعدات عاجلة لكي تقف على قدميها مجدداً. لكن ما هو معلوم أيضاً هو أن هناك العديد من الأندية الوهمية في لبنان، وهناك أيضاً أندية تأخذ أكثر مما تستحق، لا بل إن بعضها يحصل على مساعدات توازي تلك التي يحصل عليها أصحاب الإنجازات المحلية والخارجية.

اليوم تفرض الأزمة التي تمرّ بها البلاد إعادة النظر في كل شيء، وهو ما ينطبق أيضاً على الواقع الرياضي، الذي يبدو بحاجةٍ الى إعادة بناء. وهنا تأتي الفرص لوضع أسسٍ جديدة ومعايير جديدة أيضاً، تعكس سلّة من الإيجابيات للمستقبل وتساهم باستمرارية الرياضات وازدهار نتائجها، وهو أمر يرتبط بلا شك بكيفيّة البناء المفترض أن تتوجه نحو النشء أي ببساطة يجب الاستثمار في قطاع الناشئين قبل أي شيءٍ آخر، لتحصد بعدها الأندية والاتحادات والرياضات عامةً أرباحاً مالية ونتائج فنيّة بعيدة عن الخيبات.

من هنا، أصبحت مسألة وضع رؤية لكيفية استمرار الحياة في القطاع الرياضي في البلاد، ضرورية جداً. وهذه الرؤية يجب أن تنطلق من نقطة أساسية وهي العمل على إنتاج اللاعبين وتصديرهم الى الخارج، بعيداً من التسابق لضمّهم ضمن السوق المحلية «الفقيرة». والنقطة المشار اليها هنا تنطبق على كرة القدم وكرة السلة مثلاً، إذ أن نادياً على غرار العهد سيظهر مكتفياً مادياً في المرحلة المقبلة، كونه عاد ليقطف حصاد الاستثمار في نجوم اللعبة عبر إعارتهم الى أندية في الخارج، فذهب محمد قدوح الى السعودية، وخليل خميس وربيع عطايا الى ماليزيا، ومهدي خليل الى إيران، وحتى الغاني عيسى يعقوبو الذي أعير الى العربي الكويتي.

إذاً "البيزنس" لا بدّ أن يكون حاضراً في أي خطة عملية، لأن تقوية اقتصاد اللعبة أمر يجب أن يكون مبنياً في المرحلة المقبلة على استقطاب الأموال من الخارج، وخصوصاً بعد تراجع قيمة الليرة اللبنانية. وكما هو الحال في الزراعة والصناعة اللتين يُعمل دائماً على تعزيز قدراتهما لكي تصدّرا بضائعهما الى العالم وتجلبا الأرباح، يجب أن تعزّز الدولة قدرات الأندية الرياضية والاتحادات من أجل ضمان استمراريتها، ولكي تصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي.

طبعاً هي مسيرة طويلة والدولة قد لا تكون قادرة على إيصال السفينة الى برّ الأمان لوحدها، لكنها بلا شك قادرة على توجيه دفّتها وفق معايير علمية، بحيث تصرف وقودها أي أموالها في المكان الصحيح أو ذاك الذي يستحق الاهتمام.
وبما أن المستقبل هو الهدف، تبرز معايير أساسية للسير في الرؤية الجديدة، وذلك عبر تخصيص مبالغ لتنشئة اللاعبين، وهي الأولوية التي تأخذ في الاعتبار إيجاد أطرٍ تفرض الجديّة في التمارين، وتعمل على إخراج بطولات منظمة بشكلٍ جيّد من دون أي خروجٍ عن القوانين. وهذا ما يمكن أن يؤدي الى سلاسة في تقديم المساعدات للأندية التي تملك هيكلية تطوير لاعبين صحيحة ومشاركات جديّة. وهذه الهيكلية ترتبط بامتلاك النادي ملعباً خاصاً للتمارين وآخر للمباريات، وهو ما سيمنحه نقاطاً عن كل شرطٍ مذكور.

والأمر عينه في ما خصّ المشاركات الخارجية، بينما محلياً لا يمكن مساواة النقاط بين فرق الدرجات المختلفة، إذ يفترض منح كل درجة نقاطاً محددة بحسب ترتيبها. أما الأهم فهو منح نقاطٍ معيّنة للنادي عند كل مشاركة في بطولات الفئات العمرية، إضافةً الى نقاطٍ أخرى بحسب عدد اللاعبين الذين يتمّ ترفيعهم الى الفريق الأول ولم تتخطَّ أعمارهم الـ22 عاماً. وكذا بالنسبة الى عدد اللاعبين الذين ينتقلون للعب في الخارج وهم يرتبطون بعقدٍ مع النادي المعنيّ.

وهذه المسائل بلا شك تفسح المجال للاعبين الشبان لاكتساب الخبرة في سنٍّ صغيرة، وبالتالي تصبح فرص الأندية أكبر في عملية تصديرهم الى الخارج، وبالتالي تحسين أوضاعها المالية وحتى البنى التحتية التي تُعدّ اساسية في عملية إطلاق مرحلة بناء أخرى من خلال أدوات العمل الضرورية.

وفي هذه النقطة أيضاً مجال كبير للأكاديميات الخاصة التي تنشط في مجال تنشئة اللاعبين، وهي تخدم الرؤية المذكورة، ويمكن أن تصل نقاطها المجموعة الى مجموع ما قد يحصل عليه أحد أندية دوري الأضواء.

إذاً هي مسألة حسابية بسيطة تعطي في النهاية صاحب الحق حقه، بحيث يحصل النادي على مبلغ من الموازنة المخصّصة للمساعدات، وذلك بحسب عدد النقاط التي جمعها، وهو أمر مفصلي في مجال مكافحة آفة ضربت الرياضة منذ زمنٍ بعيد، وتختصر باسم الأندية الوهمية التي تعيش على الوساطات وتحظى برعاية مشبوهة، وتأخذ من حصة أولئك الذين يستحقون دعماً أكثر منها.

الوزيرة تطلب مساعدة الرئيس
استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، أمس، وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان، التي عرضت للرئيس الأحوال الرياضية والشبابية والكشفية في البلاد، وشرحت الظروف الصعبة التي تعيشها الاتحادات والأندية جرّاء الأوضاع الصحية الاقتصادية.

وقالت الوزيرة أوهانيان: "تمنيت على فخامته الدعم الكامل لقطاعات الرياضة والشباب والكشافة، وخصوصاً لجهة تعزيز الموازنة الصغيرة التي تنالها الوزارة، والتي آمل أن تكون أكبر لكي نتمكن من مساعدة هذه القطاعات كما يجب، وأنا لا أرى وزارة الشباب والرياضة إلا أساسية وسيادية كونها مسؤولة عن شباب لبنان وهم أساس المستقبل".

وأضافت: "عرضت لفخامته ما باشرت الوزارة القيام به لجهة وضع الأسس والآليات اللازمة لتنفيذ السياسة الشبابية واللقاءات التي نجريها مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والمحليّة العاملة في مجال الشباب، ونيّتنا إجراء لقاءات مع مجموعات متنوّعة من الشباب للاستماع إلى آرائهم وجعلهم شركاء في الخطة". كما استعرضت أوهانيان مع الرئيس ما تقوم به الوزارة حالياً من ورشة تشريعية تهدف إلى وضع قانون جديد عصري ومراسيم ذات صلة.
 

العودة إلى الواقع... أو إلى الوراء

«إعادة هيكلة» لكرة السلة اللبنانية

شربل كريّم  الإثنين 4 أيار 2020

لم تكن كرة السلة بأفضل حالاتها منذ زمنٍ ليس بقصير، فلم تكن أحداث الشارع منذ تشرين الأول الماضي أو الظروف الصحية المرتبطة بتفشّي «كورونا» هي السبب في الأزمة التي عاشتها أو تلك التي ستكون مقبلة عليها. «اللعبة الوطنية» بحاجة بلا شك إلى إعادة هيكلة لكي تقف على قدميها مجدّداً، أو إذا صحّ التعبير لتكون قادرة على الاستمرار في ظلّ الشكوك الكبيرة حول عودتها إلى سابق عهدها

صعبةٌ هي الأيام التي عاشتها كرة السلة اللبنانية في المواسم القريبة الماضية، إذ عانت أولاً من تراكم الديون في اتّحادها وأنديتها، ومن ثم من مشاكل فنية أبعدت المنتخب عن كأس العالم، وبعدها من تراجع الاهتمام الجماهيري بالبطولة بفعل ضعف مستوى بعض الفرق.

من هنا، ربما جاءت فترة التوقف الطويل لتعيد أهل اللعبة إلى النقطة الصفر لرسم استراتيجية جديدة تتماشى مع الواقع المقبل للبلاد بشكلٍ عام، وتعيد للمستديرة البرتقالية جزءاً من بريقها، وهي طبعاً قادرة على فعلها بحكم الإمكانات البشرية الإدارية والرياضية الموجودة في دائرتها.

وانطلاقاً من هذه النقطة، قد يطول الحديث عن الحلول، لكن الواقع أن أيّ حلٍّ لن يكون تظهيره صعباً إذا ما كان هناك اقتناع من الأطراف المرتبطة به، وطبعاً قناعة نهائية حول وجود مشكلات في جوانب عدة تحتاج إلى علاجٍ من بوابة الحاجة إلى تغييرٍ في التعاطي مع الظروف الصعبة والعقبات الطارئة.

لذا لا ضير من القول إن أولى النقاط التي يفترض العمل عليها هي في إعادة ترتيب البيت الداخلي، إن كان في الاتّحاد اللبناني للعبة أو في الأندية، حيث تبدو الحاجة الضرورية إلى وجود فريق عملٍ متكامل يستطيع كل أفراده الإنتاج، لا كما هو الحال في مكاتب كثيرة حيث الاعتماد الأول والأخير مثلاً على الرئيس أو الأمين العام وربما بعض الأعضاء.

وهذه المشكلة أي العمل الاحترافي في الإدارة تعاني منها أصلاً رياضات مختلفة، وخصوصاً تلك التي تضطر إدارات اتّحاداتها وإنديتها إلى العمل وفق أطرٍ لا ترتبط بالرياضة حصراً. ومما لا شك فيه أنّ في كرة السلة لا تبدو المسألة بنفس السوء الذي بدا في رياضات أخرى، لكن الأكيد أن هناك حاجة ماسّة لتذويب المشاكل وخلق هيكلية جديدة تحاكي المنطق وتترك نتائج إيجابية.

الواقع المرير للاعبين

طبعاً يأتي الموضوع المالي في مقدّمة الحديث عن أي مستقبل مشرق لكرة السلة اللبنانية، التي فقدت العنصر الأهم الذي صنع مجدها وهو المال. وتتفرع أسباب هذه المشكلة، لكن حلّها ليس بالأمر المستحيل إذا ما وُضع الإصبع على الجرح المتمثّل بالتضخم المُبالغ به من حيث التعامل مع اللاعبين، إذ أن ذاك «البالون» الضخم يجب أن يقلّص حجمه ببساطة، وذلك من خلال تحديد أعلى وأدنى سعر للرواتب، والذي قد يلحظ بحسب الخبراء مسألة تخفيض العقود الحالية إلى إكثر من النصف بالنسبة إلى لاعبي الفئة الأولى.

هي خطوة ظالمة للاعبين الذين يعتبرون قلب اللعبة وأساسها، لكنهم أصبحوا يعرفون أيضاً أنه مع التوجه الاقتصادي - المالي الجديد في البلاد، أصبحت مسألة العملة حساسة إلى حدٍّ كبير، والواقع الصعب يفرض قبولاً بأيّ طرحٍ يرتبط بالمصلحة العامة وإلّا ستلاقي كرة السلة مصيراً أشبه بمصير الكثير من المصالح التي قضت عليها الأزمة التي تعيشها البلاد.

إيجاد استراتيجية تحمي مال الأندية وتضمن حقوق اللاعبين تبدو أولويّة مستقبلية

من هنا، يبدو القبول بعروض واقعية هو مسألة منطقية، ولو أن ما سيُعرض على اللاعبين سيكون صعباً التفكير فيه مقارنةً بالأرقام السابقة التي حصلوا عليها، والتي حوّلت حياتهم إلى رياضيين محترفين بعكس ما يعيشه كل الرياضيين الآخرين في لبنان.

لكن الحقيقة أن اللاعبين أنفسهم يهمسون في مجالسهم الخاصة بعبارات تترك قناعةً بأنهم أصبحوا يعرفون بأن اللعبة لم تعد بمثابة منجم الذهب، بل ربما باتت مصدراً لتحصيل بعض الأموال واستثمارها في مكانٍ آخر (عمل خاص على سبيل المثال على غرار ما فعل عدد لا بأس به من اللاعبين)، أو إذا صحّ التعبير يمكن اعتبارها مصدراً غير مباشر للعيش أي وسيلة دعم إضافي.

هو كلام لا يدعو إلى اليأس أو الاستسلام لأن الأمور ليست معقّدة لدرجةٍ يمكن القول فيها إن الوضع لن يعود إلى طبيعته. لكن كل هذا طبعاً يرتبط بوضع خطة اتّحادية واضحة، وهي مسألة نادى بها القيّمون، طالبين منطقياً أن يعرف الكل مدى الصعوبات المفروضة على الجميع.

وهذه الخطة ترتكز بالتأكيد إلى إيجاد التوازن لإبقاء عنصر المال من دون أضرارٍ بالغة. وهنا يمكن أخذ الدوري الأميركي الشمالي للمحترفين كمثالٍ صارخ على العمل الاحترافي في عدم إلحاق الضرر بالبطولة من خلال الابتعاد عن المبالغة والتضخّم في الرواتب، وذلك لناحية تحديد موسميّ لسقف العقود بحسب قدرة السوق.

والواضح أن بطولة لبنان تحتاج إلى هذا التوجّه أكثر من أي بطولةٍ أخرى، فالسوق هنا يتبدّل كثيراً، ويبدو غير منطقي في أحيانٍ كثيرة، ما دفع الكثير من المستثمرين إلى الهرب كونهم لم يتوقعوا قبل دخولهم إلى الساحة ما واجهوه من متطلبات بعد انغماسهم فيها.

لذا يجب تشجيع أندية أطلت في مواسم سابقة، لكن مشوارها كان قصيراً رغم قيامها بعملٍ مميّز، والسبب لتركها اللعبة هو في الأغلب شعور القيّمين عليها بعدم الراحة أو الشعور بأن الاستثمار محمي من المسؤولين.

الأندية هي الحلّ

مخطئ من يعتقد أن اللعبة لم تعد قادرة على استقطاب الأموال، والدليل ما تمكن الاتحاد اللبناني من فعله عندما استقطب عدداً من الرعاة من خلال التسويق الجيّد لمنتخب لبنان ومبارياته، ما يعني أنه مطلوب من الأندية أن تعتمد هذا التوجّه وتسوّق نفسها واللعبة بطريقة مثالية ترتكز أولاً إلى مخاطبة جمهورها بشكلٍ صحيح أي بعيداً من ربطه بدائرتها السياسية أو الطائفية، بل تحويل نفسها إلى منتج جذاب يحمل إليها جمهوراً أكبر ومن دون ارتباطات مناطقية وغيرها.

أيضاً يبرز مثال ناجح حول هذه المسألة، ففي الفيليبين شجع القيّمون الشركات الخاصة للاستثمار في اللعبة، ما جعل الأندية تعيش بحبوحة، ما ضمن حقوق اللاعبين. وهذا الأمر ترافق طبعاً مع تسويقٍ استثنائي على صورة ذاك الذي حصل في الأردن حيث عمل المسؤولون على تغيير شكل وشعار المنتخب (تحوّل لباسه من اللون الأحمر إلى الأسود مثلاً)، ليظهروه بشكلٍ جذاب ومثير للاهتمام ما جذب المعلنين.

يأتي الموضوع المالي في مقدّمة الحديث عن أي مستقبل مشرق لكرة السلة اللبنانية

وللتسويق يطل مطلب الإدارة المحترفة أيضاً، وذلك من خلال الاعتماد على فريق عملٍ متمكّن ومتخصص، يعرف تماماً كيفية إيصال رسائل معينة تجذب الجمهور والرعاة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من الوسائل التي تربط المشجعين باللعبة عامةً.

إذاً دور الأندية أكبر مما يتصوّره البعض، فهي أيضاً يمكنها أن تخلق موارد لنفسها من خلال الأكاديميات الموجودة أصلاً لدى غالبيتها، لكنها تحتاج إلى تعزيز عملها، إذ إن نادياً مثل الحكمة لم يدخل هذا الميدان بجديّة إلّا منذ فترة قصيرة، ونادياً كبيراً آخر مثل الرياضي يملك أكاديمية مليئة بالمواهب، يمكنه بلا شك التفكير في رفع المستوى التدريبي من خلال استقدام مدربين أو مشرفين أجانب يساعدون النشء على التطور ويبثون أفكاراً مثمرة في الكادر التدريبي.

الشفافية الإدارية

كما تبرز فكرة غير ضارّة تتمحور حول خلق أرضية صالحة وشفافة لحماية مصالح الجميع وإسكات الأصوات التي تنادي دائماً بوجود مؤامرة عليها، وذلك من خلال إيجاد رابطة لإدارة الدوري بالتنسيق مع إدارة الاتحاد، وهي فكرة تطويرية لا تسيء إلى احد بل تزيد من مستوى الخبرات ومن الحلول.

ويضاف إلى كلّ هذا الاقتناع بأن المشاكل المالية التي عانت أندية كثيرة منها وأثّرت سلباً على الدوري وأغرقت لاعبين في ديون ودعاوى قضائية، يجب القضاء عليها من خلال تحديد ميزانية الأندية وإجبار الأخيرة على وضع ضمانات لكي يسمح لها بالمشاركة في البطولة، وهي قاعدة تعتمدها الكثير من البلدان المتقدّمة في عالم الرياضة أو تلك التي تملك اقتصاداً مستقراً على غرار بلجيكا التي تضم بطولتها 6 أندية، أو أوكرانيا التي لم يتخطَّ عدد أندية البطولة فيها الـ 8 فرق في فترةٍ سابقة، ما يعني أنه ليس عيباً أن تطلّ بطولة لبنان بـ6 فرق تجمع أفضل اللاعبين وتقلّص من حجم المشكلات التي لطالما أصابت الاتحاد بأوجاع الرأس.

هي سلّة متكاملة قد تضع كرة السلة في الواجهة مجدّداً، وهي التي تملك بعداً أكثر من الساحة المحلية التي لا ضير من الخروج منها في فترةٍ لاحقة عبر استعراض البطولة في بلاد الاغتراب (لعب النهائي بعيداً من لبنان مثلاً، وهذه فكرة طُرحت سابقاً) حيث الاهتمام الكبير من اللبنانيين المنتشرين في الخارج، ما يجذب أرباحاً وربما مستثمرين أيضاً. وهنا يكفي أن نتذكر المشهد النهائي التاريخي بين الرياضي والحكمة في دورة دبي الدولية عام 2016.

بعد «كورونا»... ثورة إنقاذية للكرة اللبنانية!

شربل كريّم الأربعاء 22 نيسان 2020

جاء التوقف القسري للنشاط ليكشف هشاشة الوضع العام (عدنان الحاج علي)
كل شيء سيتغيّر بعد القضاء على وباء «كورونا». كرة القدم في العالم سبق أن اعترفت بهذا الأمر عبر كبار أسمائها. لكن ماذا عن لبنان؟ هل نحن جاهزون للتغيير، وكيف سيكون شكله، ومن يفترض أن يثور على الواقع الأليم؟ الكل معنيّ والكل يجب أن يتحمّل المسؤولية
يعرف الجميع مدى حجم الخسائر التي تكبّدتها كرة القدم بعد تفشي وباء «كورونا» حول العالم. هي مسألة لمسها الكل، فبادر رأس الهرم أي الاتحاد الدولي للعبة إلى إقرار تسريع عملية توزيع الأموال على الاتحادات الوطنية الأعضاء بهدف مساعدة المجتمع الكروي لتخطي الأزمة.

الفيفا» اعتاد طبعاً على مدّ أعضائه بالمال من مبدأ توزيع مبالغ معيّنة عليهم سنويّاً، وما خطوته التسريعية إلا اعتراف منه بأن المال الموجود بحوزته هو ملك اللعبة لا ملكه الخاص، فالأرباح التي جناها من هنا وهناك يفترض أن تصبّ في صناديق الاتحادات الوطنية حول العالم.
في لبنان الأندية هي الأعضاء في الاتحاد المحلي، لكن طبعاً الأخير ليس قادراً على انتشالها من الأزمة المالية المتوقّع أن تترك أثرها السلبي عليها جميعها لمواسم عدة. هي الأندية التي تعاني أصلاً منذ زمنٍ بعيد من الخضّات المالية، وهو الاتحاد المتروك غالباً من دون دعمٍ كبير من القيّمين على البلاد، الذين تركوه من باب عدم الاكتراث للرياضة التي لا تُعدّ ضمن الأولويات بالنسبة إليهم.

لا تلام الإدارات المتعاقبة هنا لوحدها، لعدم قدرتها على الانتصار لنفسها أو إيجاد الحلول الناجعة، بل يلام الجميع أي كل فردٍ ونادٍ ومتموّلٍ وإعلامي عملوا في مجال اللعبة، فالواضح أن كرة القدم في لبنان تسير منذ زمنٍ بعيد وفق نمطٍ معيّن لا يمكن قطعاً أن يدرّ عليها الأموال، وخصوصاً في ظل اعتماد الأندية على الهبات أو أصحاب الكرم أو المتموّلين، وذلك من دون أي خطةٍ مالية واضحة تعيد إليها مردوداً جراء استثمارها أو أي شيءٍ من هذا القبيل.
لذا جاء التوقف القسري للنشاط ليكشف هشاشة الوضع العام، ووضع المتعاطين في الشأن الكروي، حيث سقطت كلمة الاحتراف بالضربة القاضية، وباتت العقود التي سُميت عقوداً احترافية مجرد حبرٍ على ورق، فالأندية التي لم تعتمد غالبيتها «المبدأ العالمي» بحسم جزء من الرواتب أيضاً، لم تستطع مساعدة اللاعبين بل عمدت إلى تجميد رواتبهم نهائياً.

الضحايا الدائمون
أمرٌ غير مستغرب بالنسبة إلى المتابعين عن كثب لواقع اللعبة والعالمين بخباياها، إذ غالباً ما صرخ اللاعب اللبناني مطالباً بالرأفة والرحمة وبالتزام ناديه باتفاقه معه. هي قصة «شحادة» في بعض الحالات، وقصة معاناة لا تشبه أبداً ما عرفته الكرة الأوروبية أخيراً، حيث كان هناك قبول من اللاعبين لمسألة حسم الرواتب رغم أنهم يعلمون تماماً بأنه ليس هناك أي أحدٍ قادر على إجبارهم على ذلك بفعل القانون الذي يحميهم، والدليل أن الأندية ذهبت إلى التفاوض معهم والحصول على الضوء الأخضر منهم للقيام بعملية الحسم.
من هنا، يفرض الواقع العام بعد «كورونا» ثورةً على الأسس أجمع أي تلك التي أرساها الكل وانغمسوا فيها، وذلك من أجل رسم طريقٍ واضح وهيكلية أوضح، ما يخدم المصلحة العامة، ويريح الاتحاد من المشاكل، والأندية من الأعباء، واللاعبين من الهموم.

ثورة جماعية لاستغلال فرصة قد تكون الأخيرة للانطلاق من النقطة الصفر نحو القمة

هؤلاء بلا شكّ هم الضحية الدائمة، وقد علموا اليوم أنّ في لبنان ليست هناك ضمانات لأحد مهما علا شأن النجم، والفوتبول هو مجرد «سندة» للغالبية الساحقة منهم، لا مصدر رزق أساسي ودائم. أليس هذا الأمر الذي صارحت به أندية لاعبين عديدين في صفوفها في الآونة الاخيرة، وجاهرت به في العلن؟
طبعاً هذا ما حصل، وهو أمر يسيء إلى صورة كرة القدم قبل أي شيءٍ آخر، لأن في هذا الكلام اعترافاً بأن هذه اللعبة غير مثمرة والتضحيات التي يقدّمها اللاعب فيها لا تجدي نفعاً، وبالتالي سيدفع هذا التسويق المسيء الجيل الصاعد والهاوي للكرة إلى عدم التفكير في ممارستها أو مواصلة المشوار فيها، ما يقلّص من دائرة اكتشاف المواهب وتعزيز الوضع الفني العام.

وبين رمي المسؤولية على «ثورة 17 تشرين»، ثم على الوضع الصحي، وبينهما الوضع الفردي الصعب لهذا المموّل أو ذاك، يُطرح سؤال إذا ما كان اللاعبون والمدربون سيذهبون في الفترة المقبلة لخلق كيان مثل جمعية أو رابطة لتحصيل حقوقهم أو حمايتها، وذلك كما هو الحال في كل بلدان العالم التي ورغم النظام الاحترافي فيها، عرف أركان اللعبة من مدربين ولاعبين كيفية حماية حقوقهم، لا كما هو الحال الآن حيث يذهبون للاعتماد على المبادرات الفردية أو يجدون أنفسهم محرجين في ظل مطالبة أنديةٍ بمساعدات من الجهات الحكومية بشكلٍ صوّرت فيه اللاعب بصورةٍ لا تليق به.

باتت العقود التي سُميت عقوداً احترافية مجرد حبرٍ على ورق

إذاً نحن في لبنان نحترف هواية مع سقوط العقود الاحترافية واحداً تلو الآخر، والدليل عدد الشكاوى التي تقدّم بها لاعبون ضد أنديتهم، ما زاد من سواد الصورة التي ظهّرت كرة القدم بأنها ليست وسيلة للعيش، وما سيقلّص حتماً من عدد اللاعبين في البلاد، والذين قد يتجهون إلى رياضات أفضل بـأحسن حال، وما سيخفض أيضاً من مستوى الطموحات لبلوغ أهداف أعلى والتأهل إلى أحداثٍ كبرى.
الأندية هي الأخرى مطالبة بالثورة على ذاتها ومفاهيمها وطريقة عملها الكلاسيكية، إذ أن العمل الاحترافي في الإدارة يفترض أن يسبق العمل الميداني لناحية توقيع «عقود احتراف» مع اللاعبين. لذا فإن وضع ميزانيات محدّدة في وقت سابق أو قبل انطلاق الموسم، بات أمراً ملحاً، وذلك لتفادي أي حالة اضطراب مالية، بدت دائمة لدى أندية عدة عانت من خضات وفترات صعود وهبوط حتى خلال الموسم، فيأتي السؤال كيف هو حالها في ظل وجود أزمة كالأزمة الراهنة أو تلك التي ستليها من مصاعب اقتصادية مرتقبة؟

سيناريوهان في الأفق
في مقاربةٍ لهذين الطرحين، يتفق إداريون على أن قيمة اللاعبين ستصل إلى مستوى لم تشهده فترة التسعينيات على صعيد الاتفاقات المقبلة لناحية حجم الرواتب. وهذا الأمر يعني أن هناك سيناريوهين قد تشهدهما الفترة المقبلة.
الأول هو الأخطر بالنسبة إلى اللاعبين الذين لا يدركون حتى الآن أنهم الحلقة الأقوى في اللعبة، فغالبية الأندية ستذهب للملمة نفسها ولاستدعاء اللاعب الذي كان يعاني سابقاً ولا يزال في هذه الظروف المتعبة. وهذه الأندية تعلم تماماً أن هذا اللاعب ليس لديه خيار سوى العيش على وعد الحصول على ما فاته، والقبول بما سيُعرض عليه لأن الغالبية الساحقة لن تهجر اللعبة وستعيش على أمل أن تستفيق على غدٍ أفضل.
أما السيناريو الثاني فقد يكون في يد اللاعبين والمدربين انطلاقاً من معرفتهم لقيمتهم كونهم قلب اللعبة وأساسها، ما يعني أن خلق هيئة تضمّهم إلى جانب أصحاب خبرة أو دوليين ومدربين سابقين، وربما إعلاميين مشهود لهم في العمل التطويري، أضحى مسألة مطلوبة بقوة كونها ستدفع نحو الضغط عبر كل القنوات المتاحة لتحسين وضع الأندية وكل الناشطين في اللعبة، فالقانون المتفق عليه سيحمي الجميع، وسيضمن الحقوق للاعب والواجبات عليه، ويحفظ مصالح الأندية ويمكّن الاتحاد من تسيير اللعبة بعيداً من أوجاع الرأس.
باختصار، الكلام هنا لا يرتبط بأرقام العقود أو يطالب بتضخيمها بل يرمي إلى ضرورة رفع المستوى المنهجي وطريقة التعامل الإداري تجاه اللاعبين والمدربين من قبل الأندية، وطبعاً رفع المستوى التنظيمي الاتحادي لناحية الحرص على تطبيق القوانين التي تتماشى مع وضع اللعبة الاستثنائي في لبنان وخصوصاً في المرحلة المقبلة. وهذه المسألة بالتأكيد لا تحتاج إلى المال، بل إن حبكها بالشكل المناسب سيخرج اللعبة بصورة حسنة تدرّ عليها الأموال لاحقاً.

وبالحديث عن عنصر المال، الذي يحكم اللعبة والأندية في لبنان قبل أي تفصيلٍ آخر، فإن الخطأ الذي تقع فيه الأندية ويدفع ثمنه اللاعب أو المدرب أو الإداري الموظّف لاحقاً، هو في الاعتماد على مصدرٍ تمويلي أوحد يُختصر غالباً بشخصٍ دون سواه، ما يُبقي النادي بالتالي تحت رحمة هذا الشخص أو مزاجيته، أو ربما وضعه الاقتصادي.
يُطرح سؤال إذا ما كان اللاعبون والمدربون سيذهبون لخلق كيان مثل جمعية أو رابطة لتحصيل حقوقهم أو حمايتها؟

ولا يرمي هذا الكلام أيضاً إلى لوم أي مموّل، بل إنه وفي هذا الإطار لا يخفى أن كل واحدٍ من هؤلاء المتموّلين، وقبل دخوله إلى اللعبة، يعرف الخبايا والمشاكل التي تنتظره، لذا بدلاً من هجر اللعبة يفترض أن يعمل على ترتيب بيته الداخلي لناحية إجبار كوادره على احترام التزاماتهم لكي يكون قادراً على الإيفاء بالتزاماته. وهنا تطلّ مسألة الاحتراف الإداري مرّة جديدة، وهي المسألة التي يُطلب من الاتحاد وضع أطر لها لناحية إجبار الأندية على تطبيقها على غرار ما فعل الاتحاد الآسيوي، ما سيفرز الكثير من الإيجابيات لناحية حماية مصالح اللاعبين والمدربين مثلاً، ولناحية حماية استثمارات المموّلين وعدم ظلم من يعمل بجدّ وجهد منهم ويصرف المال الكثير. هو أمر أيضاً سيشجع المزيد من رؤوس الأموال للدخول إلى اللعبة، إذ أن ظهور الجديّة ووجود أطر تحمي الاستثمار، سيشجعان الكثيرين على ركوب الموجة، وهو ما سينعش اللعبة عامةً.

ببساطة المشكلة هي في غياب التخطيط المسبق والتنفيذ الجديّ والتفكير في الاحتمالات المستقبلية لناحية ظهور ظروف طارئة كما هو الحال الآن. لذا فإن ثورةً عامة مطلوبة على مختلف الأصعدة الإدارية والفنية والإعلامية. هي ثورة ليست موجّهة ضد أحد بل يشارك الكل فيها نصرةً للعبة الأحبّ إلى قلوب الجميع، واستغلال الفرصة التي قد تكون ربما الأخيرة للانطلاق من النقطة الصفر نحو القمة المرجوّة دائماً.

30 عاماً والمصاعب نفسها
فتح نافذة على المستقبل يتطلب التوقّف عند رأي من اختبر كرة القدم اللبنانية من نواحٍ عدة، منها الفني كلاعب، ومنها المدرب، ومنها الإداري أو الإعلامي.
قائد فريق الحكمة السابق وسام خليل يجمع ثلاثاً من هذه الصفات، فيستعرض رأيه في ما خصّ العناوين العريضة لأزمات اللعبة وللمشاكل المرتقبة، فيقول: «لو ارتبطت الكرة اللبنانية بالقطاع الخاص والدورة الاقتصادية في البلاد لما وصلنا إلى مرحلةٍ صعبة جداً كهذه». ويتابع: «يتهرّب كثيرون من مسؤولياتهم ويتلطّون بالوضع الاقتصادي، بينما المشكلة فيهم أصلاً لأنهم لجأوا إلى البحث عن مصادر تمويل غير مضمونة».

ويعقّب المدرب والإداري الذي عمل مع أندية مختلفة وعاصر مدربين أجانب مهمين مرّوا على اللعبة في لبنان: «عندما يأتينا الخبراء الأجانب من مدربين أو محاضرين وغيرهم، ويعرضون علينا حلولاً للنهوض، نكتفي بالاستماع إليهم والموافقة بهزّ الرأس إيجاباً، ثم نمضي في أخطائنا من دون الاستفادة من التطوير المقتَرَح، بل يعمل البعض إلى إقالة من يعرف أكثر منه ويكمل السير في الاتجاه الخاطئ».
ويختم: «هل رأينا أي عائلة في لبنان ومهما كان حجم فقرها، تنصّل المسؤول عنها من مسؤولياته؟ للأسف هذا الأمر حصل في رياضتنا اللبنانية بسبب تخفّي الكثير من الإداريين خلف الوباء من دون أي سؤال أو اطمئنان عن أفراد عائلتهم، وكأنّ العدوى تنتقل من خلال المكالمات الهاتفية».

الدقة يرفع الصوت
اسمٌ آخر عاصر اللعبة لمدة 28 عاماً لاعباً ومدرباً وإعلامياً، وقد اختصر المدرب محمد الدقة المشهد الصعب بكلمات كتبها عبر صفحته على «فايسبوك»، وتترك قناعةً حول ضرورة إطلاق ثورة على الواقع المرير، فجاء في أبرز ما قاله:
«على مدى 30 عاماً، ما هي إنجازات كرة القدم اللبنانية؟ 30 عاماً مليئة بالخيبات والفشل والإخفاقات. أين هم نجوم اللعبة في لبنان؟ ما هي ثرواتهم؟ فقراء. لماذا لا نؤسّس نقابة للمدربين المحليين عبر الاتحاد؟ لماذا لا توجد نقابة للاعبين برعاية اتحادية؟ أين الإعلام الرياضي اليوم من الأمس في رفع الصوت والمحاسبة ولو بالكلمة البنّاءة أم أنه تحول بمعظمه إلى زقّيف هدفه بطاقة؟!

ألم تفرض الأزمة الاقتصادية والصحية واقعاً جديداً على البلد واللعبة؟ لماذا لا نبدأ من الصفر لنبني لعبة كرة قدم على أسس جديدة تناسب الظروف الحاصلة؟
..علينا أن نبني أسساً متينة نقنع بها الملايين من عشاق اللعبة لنخاطب الدولة من منطلق قوي وعندها ستجدون الدولة مضطرة للقيام بواجباتها.

الاتحاد وحده لا يفعل شيئاً، ولكن الاتحاد هو «أمّ الصبي»، وعليه يقع عاتق إطلاق مؤتمر أو ورشة عمل كبيرة بمشاركة الأندية والمدربين واللاعبين والإعلام تحت نظر الجمهور الكبير. اللعبة بحاجة إلى قرارات جديدة جريئة تدفعها للتطور وفي ذلك مصلحة للأندية والاتحاد واللاعبين.
علينا أن نبدأ كي لا نُضيع 30 عاماً أخرى هباءً منثوراً. لعلها فرصة واقع جديد، فلنتلقّفها.

10 سنوات على رحيل أنطوان شويري: كلّ شيءٍ مختلف بعد «صانع الإنجازات»

في زمن شويري أصبح اللاعبون من مشاهير البلاد

14-03-2020    شربل كريم
10 سنوات مرّت على رحيل أنطوان شويري (3 آب 1939 – 9 آذار 2010). سنوات مرّت ربما لم يجد خلالها كثيرون من المتعاطين بالشأن الرياضي ضرورةً لاستعادة مشاهد من مشوار الأخير في الرياضة اللبنانية وكرة السلة على وجه التحديد. لكن اليوم وفي الذكرى العاشرة لرحيل «العرّاب الأزلي» للعبة لا بدّ من التوقف لاستعراض شيءٍ من الماضي والإطلالة على الحاضر المختلف كثيراً

أُغرم بنادي الحكمة في يومٍ مأساوي لفريقه الذي عرف سقوطاً مدوياً أمام الأنصار في طرابلس. مذّاك وجد نفسه في قلب النادي الأخضر، ووجد مكاناً في قلوب الحكماويين بسرعةٍ كبيرة. كيف لا، وهو الذي خرج عليهم في تسعينيات القرن الماضي مفصحاً عن طموحاتٍ اعتبرها البعض خيالية وقتذاك، وهو الذي اختصرها لاحقاً بتحويل النادي العريق في بيروت إلى بطلٍ لقارة آسيا.
طبعاً هو كان يتحدث في ميادين كرة القدم التي كانت الأساس في إنشاء نادٍ اسمه الحكمة، لكن الواقع الذي فُرض عليه منعه من إصابة الحلم المنشود، وهي مسألة تبدو أشبه بقناعةٍ راسخة عند الحكماويين حتى اليوم، وهم الذين وجدوا أنفسهم مضطهدين، بحسب قول بعضهم، واقتنعوا بأن هناك استحالة لرؤية ناديهم على منصة التتويج.
شويري أدرك أن السيطرة على سوق الإعلانات هي غير السيطرة على الساحة الكروية، وخصوصاً في ظل التعقيدات الكثيرة التي كانت موجودة فيها، فوجد الملاذ في أرضٍ خصبة لتحقيق الأحلام، وفي لعبةٍ تحوّلت لاحقاً إلى مرادفٍ لاسمه بعدما أصبحت الإنجازات مرادفةً لناديه ولها على مختلف المستويات.

إذاً ما عجز عنه الرجل في كرة القدم فعله في كرة السلة، فأصبح الحكمة بطلاً للبنان، بطلاً للعرب وبطلاً لآسيا.
لكن هذه الألقاب التي قد يأتي أي رئيسٍ لنادٍ لبناني ويجمعها إذا ما ثابر ووضع الميزانية الثقيلة والاستراتيجية الدقيقة، توازيها إنجازات من نوعٍ آخر، بدأت من إرساء نهضة على صعيد كرة السلة انتقلت عدواها عبر السنوات إلى رياضات أخرى أرادت أن تنسخ بعض إنجازات المستديرة البرتقالية، وهي إذ لم تنجح في هذا الأمر في مكانٍ ما فإن اجتهادها لبلوغ طموحاتها وأهدافها انعكس رفعةً في مستواها في فترة لاحقة، ما ساهم في ازدهارها أيضاً.
وهذه النهضة ترافقت مع نقل اللعبة من مجرد رياضة بين رياضات كثيرة إلى رياضة وطنية ومساحة لجمع شريحة من اللبنانيين شعرت يوماً أنها غير قادرة على التعبير، ولو أنها في بعض الأحيان ذهبت في اتجاهٍ غير رياضي من خلال هتافاتها أو توجهاتها (في تلك الفترة وبعدها قال البعض إن شويري أتى وأراد عبر إنجازات الحكمة انتشال المسيحيين من الإحباط الذي عاشوه بعد نهاية الحرب الأهلية واتفاق الطائف). من هنا، تحوّلت قاعة نادي غزير إلى ملتقى رياضي كبير، وإلى ساحة لتظهير الإنجازات المبنية على جهدٍ وتعبٍ وإيمانٍ بتحقيق أحلامٍ احتفل بها اللبنانيون في مختلف ساحات المناطق، وأحياناً حتى الساعات الأولى من الصباح.
التعب والعرق اختصرهما أكثر من صورة للرجل وهو يرفع الكؤوس مع نجوم فريقه الذين حوّلهم إلى رموزٍ رياضية ورسم حولهم هالة الأبطال. هي نقطة يتوقف كثيرون عندها اليوم، ففي زمن شويري عاش اللاعب اللبناني أياماً مجيدة، وعرف الحياة الاحترافية وكسب احترام الأندية التي لم يعد قسمٌ لا يستهان به منها يؤمن به بشكلٍ كامل، وهو ما يوسّع الهوة أكثر بين طرفي الارتباط الأساسيين في كرة السلة اللبنانية.
في زمن شويري أصبح اللاعبون من مشاهير البلاد، وبالكاد كانوا يسيرون أمتاراً قليلة من دون أن يلحظ أحد مرورهم. هم تحوّلوا إلى شخصيات عامة بفعل الإضاءة الإعلامية التي صوّبها عليهم بشكلٍ مكثّف، بينما قاتل خلفاؤهم عبر السنوات الأخيرة للمطالبة بحقوقهم أو الحصول عليها من الأندية.

ولا يمكن اليوم نكران أن الفارق يبدو شاسعاً بين لاعبي الجيل القديم والرعيل الحالي، إن كان على صعيد النجومية أو حتى في بعض الأحيان على صعيد القدرة المالية التي جعلت لاعبين سابقين يعيشون حياة الثراء ويؤسسون لمشاريع كبيرة بعد اعتزالهم، ومنهم من كسب ماله بشكل «مكافأة» شخصية من شويري تقديراً لعطاءاته أو أحياناً لضمان بقائه في الحكمة أو حتى في كرة السلة اللبنانية.
أندية الوقت الراهن لا يمكن لومها في أماكن كثيرة أيضاً، فهي لسوء حظّها لا تنشط أو تعيش في زمن الرئيس الذي يمكن وصفه بـ «رئيس الكل»، فقد ترأّس عملياً أنديةً من دون أن تكون لديه صفة رسمية فيها، وذلك من خلال دعمها مالياً (تماماً كما فعل مع المنتخبات)، والهدف هو الحفاظ على صورة وسمعة وتنافسية اللعبة، وإبعاد الخضات عنها وعن اتحاداتها التي بدا القيّمون عليها في فترةٍ من الفترات أضعف من الرجل القوي والمتحكّم فيها وباللعبة عامةً.
طبعاً قد يكون من الظلم للرؤساء الذين تعاقبوا على الاتحادات والأندية مقارنتهم بشويري بسبب الظروف المختلفة التي واجهوها غالباً، وهي بدت صعبة جداً منذ 2010 حتى يومنا هذا. لكن من الظلم أيضاً ألا يتمّ ذكر شويري على أنه شخصية استثنائية محنّكة وذكية ومدركة لكل شيء لناحية العمل الإداري الذي قارب المثالية، والدليل أنه ترك إرثاً عاد الحكماويون للسير وفق نهجه أخيراً، معتبرين أنه خشبة الخلاص للنادي المتقهقر منذ رحيل راعيه التاريخي.
رحيلٌ استذكره الحكماويون في كل مرةٍ وجدوا فيها ناديهم يسير على جلجلة العذاب، لكن لا شك في أنهم لا يستذكرونه في محطات الخيبات فقط بل في كل حنين إلى أيامٍ ذهبية صنعها بحبٍّ وشغفٍ قلّ نظيرهما.

نادي قدامى اللاعبين: متطوّعون في خدمة الكرة

06-03-2020  شربل كريم
انضمّ نادي قدامى اللاعبين الدوليين إلى قائمة أندية كرة القدم في لبنان، ليكون الأول من نوعه لناحية النهج الذي سيتّبعه حيث لن تكون المنافسة بالتأكيد أحد أهدافه، إنما بحسب قول مؤسسيه، المساعدة على مختلف المستويات بهدف نقل كرة القدم إلى مستوى أفضل بعيداً من المشاكل في المستقبل

لا أحد يعرف أكثر من اللاعبين الدوليين السابقين ما تحتاج له كرة القدم اللبنانية، فهم اختبروا معاناتها على مختلف الأصعدة، ويعرفون حتى اليوم خبايا أنديتها ومنهم من لا يزال يعمل ضمن كوادرها أيضاً. هم يشعرون بحاجات اللاعب في الوقت الحالي، وفي واحدة من أسوأ الفترات التي تمرّ بها البلاد واللعبة. هم أيضاً يعرفون أكثر من هؤلاء اللاعبين ما تتكبّده الأندية للبقاء على قيد الحياة. كما أنهم بحُكم المراقب وبحُكم خبرتهم الطويلة يدركون حاجات المنتخبات وما يمكن تقديمه من مساعدات فنية لرفع شأنها.

من هنا، كانت البداية. بداية فكرة تبلورت أخيراً وولدت رسمياً تحت عنوان وشعار نادي قدامى اللاعبين الدوليين، الذين اجتمع قسمٌ لا يستهان به منهم تحت سقفٍ واحدٍ وفكرة واحدة، ساعين لتقديم أنفسهم كجناحٍ متطوّع ومساعد في اللعبة بمختلف ساحاتها.
الفكرة بدأ الكلام عنها قبل سنة تقريباً، فكان التنسيق بين مجموعة من اللاعبين السابقين الذين لم ينقطع التواصل بينهم منذ فترة طويلة، أمثال عدنان بليق، ابراهيم الدهيني، حسن أيوب، بلال الصوفي، حسن عبود، جمال الحاج، ناصر بختي، جهاد محجوب، غسان أبو دياب، حسن شاتيلا، جهاد جابر، خلدون المصري، وغيرهم. بعدها ذهب الكل إلى عقد سلسلة اجتماعات أفضت إلى فكرة أوضح حول الدور الذي يمكن لهذا النادي أن يلعبه، قبل أن يكون التوجّه إلى جعله نادياً رسمياً من خلال الاستحصال على عِلم وخبر، إضافةً إلى رخصة من وزارة الشباب والرياضية.
وتحمل هذه الخطوة إيجابيات بلا شك، إذ إن نادياً على صورة المولود الجديد أبصر النور في العديد من بلدان العالم وفي محيطنا العربي أيضاً، حيث تقوم أندية من هذا النوع بمهمات مختلفة منها التواصل مع الاتّحادات والأندية المحلية وحتى اللاعبين الذين يعانون من مشاكل معيّنة، إضافةً إلى المساهمة أو الوجود في إطلاق نشاطات رياضية محلية وخارجية.
ويشرح لاعب الأنصار ومنتخب لبنان سابقاً ناصر بختي في حديثٍ مع «الأخبار» العناوين العريضة للنادي ويختصرها «بالمساهمة في مساندة المنتخبات معنوياً وعملياً إذا طُلب منا هذا الأمر، وذلك من خلال استعراض آرائنا وخبراتنا التي راكمناها لسنوات طويلة في الملاعب اللبنانية، إضافةً إلى تأمين التواصل بين الأندية واللاعبين من جهة والاتحاد والأندية من جهة أخرى، فهناك دائماً أشخاص يمكن أن يلعبوا دور صلة الوصل لتقريب وجهات النظر».
سيجري العمل على إنشاء صندوق لمساعدة الدوليين السابقين الذين يعانون من ظروف صعبة

بدوره، يشدّد لاعب النجمة والمنتخب الوطني السابق جمال الحاج على أن هذا النادي ليس موجوداً للعب دور أحد «فنحن لم نكن نريد يوماً أي مواجهة أو تدخلٍ في عمل الغير أو فرض آرائنا بل نقدّم أنفسنا اليوم كمتطوعين في خدمة اللعبة والمصلحة العامة». ويضيف: «الدعوة نقدّمها للجميع من اللاعبين الدوليين، فلا حاجة إلى دعوة رسمية للانضمام إلى عملٍ بنّاء، إذ حتى الجيل الجديد نرحّب به لطرح أفكاره والمساهمة في إظهار هذه المجموعة موحّدة وجاهزة لخدمة اللعبة التي أمضينا عمرنا في ملاعبها».
الإيجابية تبدو واضحة أيضاً من خلال عدم توقّف أي أحد عند المناصب أو إعارة الاهتمام للظهور الإعلامي، بل إن الخطوات العملية الأولى ذهبت في اتّجاه تكريم شخصيات أعطت الكرة من قلبها، وكانت البداية مع المدرب الشهير للأنصار ومنتخب لبنان عدنان الشرقي، وذلك في حفل إطلاق النادي الذي توقّف كثيرون عند الحضور الخجول فيه لناحية غياب وجوهٍ معروفةٍ في اللعبة عنه رغم أن رواده دافعوا عن ألوان الأندية المختلفة خلال مسيرتهم. لذا كان واضحاً غياب رؤساء الأندية على سبيل المثال، وكذا أعضاء الاتحاد اللبناني حيث اقتصر الحضور على رئيسه هاشم حيدر الذي كان متجاوباً ومشجّعاً للفكرة في بداية المشوار. غيابات أعادها المنظمون إلى أسبابٍ شخصية لرؤساء الأندية الذين تمثّل بعضها بأمناء السر أو إداريين، بينما اقتصرت الدعوة اتحادياً على الرئيس، بسبب وجود الأمين العام جهاد الشحف خارج البلاد، واعتذار عضو اللجنة التنفيذية وائل شهيّب عن عدم الحضور بسبب ارتباطات خاصة.
لكن الواضح أن المنظمين كانوا عاتبين على وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان التي أوفدت ممثلاً عنها، في وقتٍ كانوا ينتظرون منها إطلالة استثنائية من بوابة كرة القدم اللبنانية يمكن أن تعرض من خلالها وجهة نظرها حيال عددٍ من الملفات الرياضية والكروية خاصةً، وذلك بعد تجميد النشاط واتفاق الكل على ضرورة تضافر الجهود بين الدولة اللبنانية والمرجعية الكروية لإعادة الحياة إلى اللعبة الشعبية.
وبعيداً من السلبيات، سيكون الترقّب حاضراً للخطوات المقبلة، وعلى رأسها خطوة أساسية ومهمة جداً تتمثّل بإنشاء صندوق لمساعدة اللاعبين الدوليين السابقين الذين داهمتهم الظروف المعيشية الصعبة بعد نهاية مشوارهم في الملاعب، وهي من دون شك لفتة إنسانية مهمة تستحق التفاف الكل حولها، بعدما بدأ النادي مشواره لإطلاق نفسه مدعوماً من أحد المصارف المحلية، ومن لاعبين دوليين سابقين يعيشون في الخارج أرادوا المساهمة في دفع العجلة نحو الأمام عبر مساعداتهم مالياً، أمثال جوزف منصف، نبيل جبريل، آرا ملكونيان، واصف الصوفي، يحيى حافظة وليد علوش، ومحمد المغربي.

السياسة جرحت الأندية ونتائجها تقتلها

 شربل كريّم الثلاثاء 31 كانون الأول 2019

غالباً ما يقال بأنّ هذا النادي محسوب على هذا الطرف السياسي أو ذاك، لكنّ المعطيات والنتائج التي آلت إليها الأمور في الأعوام الأخيرة تفضي إلى نتيجة واحدة: أندية كرة القدم تحديداً هي إحدى ضحايا السياسيين أو السياسات الخاطئة في البلاد، التي توقّفت فيها حركة الرياضة بشكلٍ عام بسبب الوضع السياسي القائم والمفروض

لطالما صُنّفت الأندية الرياضية في لبنان مذهبياً، طائفياً وسياسياً، وهذا أمر واقع لم يكن بالإمكان الهروب منه، وقد اعتُبر في بعض الأحيان صحياً لشدّ عصب الجمهور وجرّه إلى الملاعب. ربما يمكن إعطاء ثنائية الرياضي والحكمة في كرة السلة كمثالٍ دامغٍ حول ما ذُكر سلفاً، إذ يعيد البعض سبب فورة كرة السلة في التسعينيات ودخولها كل البيوت، إلى الحساسية الطائفية التي وُلدت بين جمهورين عريضين، ما خلق انقساماً جماهيرياً على حجم مساحة الوطن، وكانت له انعكاساته الإيجابية على هذه الرياضة، أقله لناحية رفع مستوى شعبيتها، وذلك رغم الأحداث الكثيرة التي نتجت عن العصبية التي تخطّت كل الحدود أحياناً.

أثرت السياسة سلباً على كرة القدم اللبنانية (أرشيف ــ عدنان الحاج علي)

في كرة القدم كان هذا الوضع سائداً منذ سنوات طويلة وسبق الفورة السلوية، لا بل إن سياسيين كثراً صنعوا شعبيتهم في الملاعب وإدارات الأندية قبل أن يمروا للتواجد تحت قبة البرلمان أو تحت سقف السراي الحكومي. وطبعاً حاول الكثيرون منهم الالتفاف حول أي كلامٍ يربط شعبيتهم بالأندية وأصوات مشجعيها في صناديق الاقتراع، لكن الأمر الواضح أن شخصيات عدة استفادت بشكلٍ كبير من أندية الكرة، حيث صنعت حالة لنفسها من خلالها. هو الأمر عينه الذي حاول رؤساء أندية عدة فعله في الفترة الأخيرة من خلال رعايتهم المالية لها، لكن لا شكّ في أن الأمور تختلف كثيراً عمّا كان الحال عليه في الماضي البعيد وسط التوازنات السياسية، والاصطفافات في الشارع خلف الزعماء والسياسيين، وطبعاً اعتبار هؤلاء أن من يتولّون إدارات الأندية التي تدور في فلكهم إنما هم مكلّفون بمهمات مقابل وعودٍ غير مضمونة. وهذه النقطة الأخيرة أي في ما خصّ الوعد قد لا تكون ملموسة، بل إن الإداريين أصحاب القرار وضعوا جهوداً كثيرة علّهم ينضمون إلى الدائرة التي «يعطف» عليها الزعيم فيحصلوا على منصبٍ أو ينتهي بهم المطاف في موقع الهدف الذي جعلهم يدخلون ميدان الكرة.
اليوم يقتل الوضع السياسي ـ الاقتصادي الذي شلّ كل شيء في البلاد كرة القدم وسواها من الرياضات الأخرى. لكن اللعبة الشعبية الأولى تضررت جراء مزاجية السياسيين أو حساباتهم الخاصة منذ زمنٍ بعيد، وتحديداً أنديتها التي علقت ربما بطوائفها وزادت من عصبيتها المذهبية، لكن كلاًّ منها وجد نفسه مهملاً من «عراب» الطائفة والخط السياسي الذي ينتمي اليه.
إذاً كرة القدم تجد نفسها اليوم في مأزقٍ جديد سببه السياسة بالدرجة الأولى، إذ ليس لديها الآن من ينقذها أو يلتفت إليها في ظل انشغال رجال السياسة في المسائل التي تعدّ أولويات بالنسبة إليهم حالياً، وهم أصلاً لو تركوا الأندية منذ زمنٍ طويل لربما وجدت طريقاً مختلفاً لتمويل نفسها وتفادي الأزمات الاقتصادية، وذلك بدلاً من الطريق الذي سلكته وفيه ارتباط بالسياسيين حتى لو بطريقة غير مباشرة على صعيد التمويل والرعاية.
تضرّرت اللعبة الشعبية الأولى جرّاء مزاجية السياسيين أو حساباتهم الخاصة منذ زمنٍ بعيد

من هنا، أتى رؤساء الأندية باختيار السياسيين، فألقي على عاتقهم الحمل الثقيل القاضي بتأمين التمويل، وهو أمر كان ملموساً مثلاً في حالة نادي الأنصار والرؤساء المتعاقبين عليه بمباركة تيار المستقبل. لكن هذا التيار أراد احتواء شارعٍ آخر من دون نجاحٍ يُذكر، ما انعكس سلباً على القطب البيروتي الآخر أي النجمة، الذي عانى ما عاناه لفتراتٍ عدة بسبب المشكلات المالية، حيث ابتعد «عراب» النادي عنه بفعل إدراكه بأنه لن يتمكن من تغيير هوى الشريحة الأكبر من مدرجاته، فكانت الخضات المالية المتلاحقة، وبدا بعض الإداريين وكأنهم «وكلاء أُعطوا ملفاً للتصرّف به وإيجاد الحلول له منفردين» بحسب وصف البعض.

والسياسة التي كانت السبب في إيقاف النشاط لم تكن أضرارها بالشيء الجديد، إذ أن العودة الى الانتخابات النيابية الأخيرة تعطي فكرةً عن هذه المسألة، فنادي طرابلس مثلاً وجد نفسه في أصعب وضعٍ منذ إنشائه بعد قرار الرئيس نجيب ميقاتي بتعليق أو تخفيف تأمين ميزانيته بالشكل المعتاد. هناك في المدينة يُحكى أن نتائج الانتخابات لم ترضِ الرئيس، وقد لمس فريق عمله أن مجموعة من العاملين في الأندية الكروية التي يرعاها ميقاتي لم تكن في صفّه، فكان القرار الذي «ضرب» طرابلس والاجتماعي بشكلٍ خاص. وهذه القصة لا تختلف كثيراً عمّا عرفه الراسينغ مع ابتعاد راعيه الدائم الوزير ميشال فرعون عنه، حيث انتشرت أسباب عدة لخطوته هذه، منها ما تمّ ربطه بالأوضاع الاقتصادية العامة في البلاد، ومنها لأسبابٍ شخصية، لكن المعلومات تشير أيضاً الى أن للواقع الانتخابي دوراً أساسياً في ما حصل.

ومن الأندية التي لا تسير إلا برضى مرجعياتها السياسية هناك الصفاء، الذي كان لاعبوه قد عانوا الأمرّين في المواسم القريبة الماضية وامتداداً إلى الموسم الحالي من رؤساء وإداريين تمّ تعيينهم، لكنهم لم يتمكنوا من تأدية المهمة بالشكل المطلوب، وبالتالي كان التراجع الفني بفعل المشاكل المالية التي زادت أخيراً، والدليل تلك الصرخة التي أطلقها أخيراً لاعبون بارزون في الفريق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبين بمستحقات متراكمة وحلولٍ لإهمالٍ يعانون منه على حدّ قولهم.

الواقع أنه من الصعب فصل أي نادٍ عن محيطه السياسي، كما هو حال السلام زغرتا الذي لا تبدو صورته مختلفة عن تلك التي تظهر على الأندية السالفة الذكر، لكن بعض الأندية بقي في دائرة رعاية معنوية أو أقله بعيداً من تأثيرٍ مباشر للزعيم عليه، على غرار ما هو عليه الحال مع العهد بطل لبنان أو الإخاء الأهلي عاليه، بينما طبعت الرعاية العائلية أو الالتفاف المناطقي أندية أخرى مثل شباب الساحل، البرج وشباب البرج، التضامن صور والشباب الغازية.
فعلاً السياسة وزواريبها ونتائج أحداثها ترخي بثقلها على كرة القدم التي تنتظر الآن مصيرها، وهي التي شارفت على الوقوع في الهاوية، بفعل تسارع الأحداث وتدهور أوضاع البلاد، وتالياً الأندية مالياً بحيث يعضّ بعضها على الجرح وينزف البعض الآخر مقاوماً الموت.

كرة السلة «حبيبة السياسيين»

لا تبدو كرة السلة بعيدة عن الواقع الذي تعيشه كرة القدم حالياً، إذ أن أنديتها ارتبطت أصلاً بشكلٍ وثيق وأكبر بالسياسيين الذين وجدوا في مدرجاتها أصواتاً يجذبونها إلى صناديق الاقتراع.
وهذه اللعبة كانت لديها فرصة أكبر من كرة القدم للانغماس في المنظومة الاقتصادية - التسويقية - التجارية الموجودة في البلاد، إذ بلا شك هي تحولت إلى «سلعة» رابحة في مجالاتٍ عدة. لكن أيضاً فإن إدارات كثيرة تعاقبت على الأندية والاتحاد اللبناني سابقاً، لم تعرف الاستفادة من الواقع الناجح واللامع للمستديرة البرتقالية، بل بقيت تدور في فلك السياسيين وتطلب عطفهم للحصول على التمويل الذي ما إن أوقفه هؤلاء حتى دخلت كرة السلة في النفق المظلم.

ولا يخفى أن أكثر من نصف أندية الدرجة الأولى لها ارتباطات مباشرة بالتيارات السياسية الأساسية في البلاد أو بساسةٍ لهم وزنهم، ومنهم من يختار الرؤساء والإداريين ومنهم من يؤمّن التمويل أو مصادره. لكن بعد تراكم المصاعب الاقتصادية في المؤسسات الخاصة أدار السياسيون ظهرهم لمطالب من أوكلوهم بملفات الأندية، فبدأ النزيف الذي جعل البعض منهم يتأخر في دفع المستحقات أو يراكم الديون أو ينتظر تغييراً ما في مزاج عرّابه السياسي ليقف مجدّداً على قدميه.

الأكيد أن كرة السلة اللبنانية لم تأخذ العبر من تجارب ناجحة لبلدان وصلت فيها شعبية اللعبة إلى مستويات مرتفعة جداً على غرار تركيا، وهي الأقرب إلى لبنان جغرافياً، والأكثر نجاحاً فنياً وأيضاً تسويقياً في المحيط، حيث خلقت أندية كثيرة شراكةً وثيقة مع أكبر الشركات بدلاً من أن ترمي نفسها في عباءة السياسيين وتنتظر لفتةً كريمة منهم، رغم أنه في تلك البلاد يبدو جليّاً سعي الكثير من رجال السياسة من رأس الهرم إلى أسفله للتواجد في المشهد الرياضي حبّاً بكسب تأييدٍ أكبر لدى شعبٍ يفرغ شغفه في ملاعب كرة السلة وكرة القدم حصراً.

آلاف الطلاب المنتسبين ومواهب تمثّل لبنان

17-10-2019

لا يخفى أن أكاديميات كرة القدم الخاصة تتزايد أعدادها أسبوعياً في لبنان، وخصوصاً أنها أصبحت «بيزنس» مربحاً جداً بالنسبة الى أصحابها. لكن عدداً من هذه الأكاديميات بلغ مرحلة متقدّمة على صعيد كرة القدم اللبنانية، بحيث أصبح يشكّل رافداً للاندية والمنتخبات الوطنية التي تستفيد اليوم من وجودها

لطالما كان هناك تصويب على عمل الاكاديميات الخاصة ودورها في الكرة اللبنانية، فهي اصلاً نشأت على فكرة القيام بعملٍ تجاري يعود بالربح على اصحابه. مدربون حاليون، لاعبون سابقون، وكثير من الاشخاص الذين امتلكوا تجربة في اللعبة، ذهبوا الى تأسيس اكاديميات في ملاعب مختلفة الاحجام.

في الشكل كانت البداية بحثاً عن «بيزنس» معيّن، وهو ما يرنو اليه كثيرون حتى يومنا هذا، لكن هناك من اتخذ توجّهاً آخر يعكس ادارة العمل بالشكل الصحيح لناحية كسب المزيد من خلال تحقيق المزيد. والعبارة الاخيرة تعني ان تحقيق النتائج التي تُقدّم الاكاديمية على انها ناشطة ونشيطة وناجحة في آنٍ معاً، سيجلب اليها المزيد من الطلاب، وبالتالي ستستفيد بشكلٍ اكبر.
كما يمكن اعتبار ان بعض المشرفين على الاكاديميات، وبعدما ازداد عدد الطلاب لديهم ووصل الى عتبة ألف طالب، بدأوا يشعرون بالمسؤولية تجاه العمل الذي يقومون به، فخلق العدد الكبير لهم مجموعة من التحديات التي فرضت العمل الجديّ، وهو ما عاد بالفائدة عليهم.

ويمكن الاتفاق على شيء ايضاً، وهو انه لا يمكن مطالبة كل الاكاديميات بالوصول الى النتيجة نفسها، اذ انه في ظل عدم وجود معايير معيّنة، تعمل كل اكاديمية بحسب امكانياتها، اي بحسب الملعب الذي تنشط عليه مثلاً، او القدرة المالية لاستقدام افضل المدربين.
اما الاكيد فان النظرة الى الصورة العامة للنشاط الكروي في لبنان، تترك انطباعاً بأن هناك جديّة في العمل الاكاديمي الخاص، وذلك من خلال النسبة العالية من اللاعبين القادمين من الاكاديميات للدفاع عن الوان منتخبات الفئات العمرية، وخصوصاً دون الـ16 سنة، وهو عمر حساس لتقديم اللاعب الجيّد او العمل على صقل موهبته.

لكن هل خرجت الاكاديميات نهائياً من دائرة «البيزنس»؟

سؤال يجيب عنه رئيس «بيروت فوتبول أكاديمي» زياد سعادة، من خلال ذهاب نادي الراسينغ الى توقيع اتفاقية تعاون معه، وذلك في موازاة توقيع 9 لاعبين شبان من أكاديميته على كشوفات النادي العريق.
ويقول سعادة: «حتى في اوروبا ولدى الاندية الكبيرة، هناك ما يسمى الاكاديمية، وهناك ما يُطلق عليه اسم المدرسة (سكول). والفارق بين الاكاديمية والمدرسة كبير، اذ ان الاولى تعمل بشكل احترافي، بينما تعطي الثانية مساحة لمحبي اللعبة من غير الموهوبين لممارسة اللعبة في اجواء مهيّئة لهم ضمن اطار رسمي».
اما حول سبب بروز لاعبين من الاكاديميات اكثر من الاندية، فهو بحسب رأيه «العمل الذي تبدأه هذه الاكاديميات مع اللاعبين وهم في سنٍّ صغيرة، اي في السابعة او الثامنة من العمر، وهم يبقون معها حتى الـ14 او الـ 15 من العمر، فتدخلهم في اسلوبها ويعتادونها ما ينعكس نتائج ايجابية في نهاية المطاف».

أدخل الاتحاد اللبناني الأكاديميات الخاصة في حساباته بعدما لمس جديّة في عمل الكثير منها


لكن لا يمكن اسقاط مسألة مهمة، وهي انه اذا لم يكن هناك استمرارية في العمل مع اللاعب عندما يصل الى هذه المرحلة من العمر، فإنه لن يبلغ اعلى مستوى في اللعبة. ولهذه الاسباب ذهبت اكاديميات الصف الاول الى توقيع اتفاقيات مع اندية اوروبية، على غرار ما فعلت اكاديمية اتلتيكو التي ارتبطت بنادي ليون الفرنسي المعروف جداً بتخريج النجوم في فرنسا من اكاديميته، اضافةً الى اكاديمية «BFA» التي ارتبطت بنادٍ فرنسي آخر هو باريس سان جيرمان.
وهذه الخطوات سمحت للاكاديميات بالاستفادة من قدوم كوادر فنيين أجانب ساعدوها على تطوير كوادرها التدريبيين ولاعبيها من خلال اتباع اساليب التدريب الاوروبية والنهج التنظيمي الذي من شأنه رفع مستوى العمل، ما ينعكس ايجاباً على الجانب الفني وتالياً النتائج.

من هنا، لمس الاتحاد اللبناني جديّة ايضاً في عمل الكثير من الاكاديميات، وعرف تأثيرها الايجابي في دورة العمل الكروية، فبات راعياً لها في الكثير من نشاطاتها، وأدخلها دورات الـ«غراسروتس» الخاصة باللاعبين من سن الـ9 سنوات حتى الـ14 سنة، وهو ما اعطاها دفعة كبيرة ودافعاً لمواصلة العمل الجديّ، اضافةً الى دفعة اخرى للاعبين الذين بدأوا ينشطون على مستوى تنافسي ولم يكتفوا بخوض المباريات الودية فقط.
وبفعل المنافسة في العمل التي ولدت بين الاكاديميات، ما افرز عملاً تطويرياً كبيراً على صعيد مقاربتها للعبة، اخذت هذه الاكاديميات دور اندية كثيرة على صعيد صقل المواهب وتخريجها، اضافةً الى خطف الالقاب منها.

وعند هذه النقطة يتوقف رئيس اكاديمية «أدفانسد سوكر اكاديمي» (ASA) رائد الصدّيق، الذي يصوّب على امرٍ مهم يُبرز فيه السبب الرئيس وراء التفوّق الاكاديمي على نظيره الخاص بالاندية، فيقول: «نحن نملك هوية تتمثّل بالعمل مع الصغار حصراً، ونملك ملاعبنا، ونملك طريقة عمل مبنية على تمويل انفسنا من خلال ما يدخل الى ميزانيتنا، ما يعني اننا نصرف المبالغ على فرق الفئات العمرية دون سواها من دون ان يكون لدينا اي هموم اخرى، او اذا صح التعبير وجود فريقٍ اوّل، وهو ما يعيق عمل الكثير من الاندية التي تشارك في بطولات الفئات العمرية لمجرد المشاركة او كواجب مفروض».
ويضيف: «لا يمكن لوم الاندية كثيراً في ظل المتطلبات الكبيرة لتأسيس فرقٍ عديدة منافسة في مختلف الفئات، لكن نحن نريحها اليوم من همٍّ كبير، لذا ذهب عددٌ منها الى توقيع اتفاقيات مع الاكاديميات التي تلعب باسمها وتحمل اليها اللاعبين من دون ان تكلّفها الاموال».

والاكيد ان الاكاديمية التي لا تلعب في بطولة لبنان لديها نقص فني كبير، فالمشاركة في بطولة رسمية منظّمة تعطيها بُعداً جدّياً، وتفيد اللاعب كثيراً لناحية رفع مستواه من خلال المساحة التنافسية، اضافةً طبعاً الى المشاركات الخارجية التي تزيد من خبرته، ولو انها تكون غالباً من مال ذويه.
وبالحديث عن الاهالي، فإن الميسورين منهم باتوا يفضّلون ارسال اولادهم الى اكاديميات خاصة حيث يشعرون باهتمام مباشر بهم من قبل مدربين صُرفت الاموال عليهم للانخراط في دورات تدريبية محلية وخارجية من اجل تطوير معرفتهم، وخصوصاً في التعامل مع الاولاد.

ويترافق هذا مع تأمين الاولاد صحياً، بينما هناك ضعف في الاندية على هذا الصعيد وقلّة اهتمام بسبب الشحّ المادي. كما تضاف نقطة مهمة، وهي ان الاكاديميات تعمل 12 شهراً بعكس الاندية التي تعمل موسمياً، علماً بأن موسمها في بطولات الفئات العمرية لا يمتد الى اكثر من 16 اسبوعاً كحدٍّ اقصى في حال بلغت المراحل النهائية.

ميزانيات الأندية بين المبالغة والتقشّف
أثرياء وفقراء في الدوري اللبناني لكرة القدم

شربل كريّم الخميس 3 تشرين الأول 2019

تفاوت واضح بين ميزانيات الأندية الـ12 المتنافسة في الدوري اللبناني لكرة القدم. أرقامٌ كبيرة لدى البعض ومتواضعة لدى البعض الآخر، وهي تكشف السبب في الفوارق الفنية المتوقّعة بين فرق مقدمة ووسط وذيل الترتيب

غالباً ما يتكتّم رؤساء وإداريّو الأندية على الارقام التي ستصرفها أنديتهم خلال الموسم الكروي. هم يفضّلون عدم الكشف عن الجوانب الماليّة والميزانيّة المرصودة لأسبابٍ مختلفة، منها ما يرتبط بالجهات الداعمة بالنسبة الى البعض، ومنها لإبعاد «مطامع اللاعبين» عن خزائنهم المالية بالنسبة الى البعض الآخر.

يعيش بعض الأندية ظروفاً مالية صعبة (مروان طحطح)

لكن بدا في الفترة الاخيرة أن القيّمين على الاندية لا يجدون حرجاً في الحديث عن الميزانيات المرصودة من قبلهم لموسم (2019-2020)، منها بأرقامٍ دقيقة، ومنها بأرقامٍ تقريبية. وطبعاً يرى البعض في هذه الخطوة مساحة للإضاءة على مشكلة مشتركة تسبّب لهم الإرباك، وايضاً لتوجيه رسائل مختلفة الاتجاهات الى جهات داعمة أدارت ظهورها لهم.
لكن الحقيقة أن الكلام عن الصعوبات المالية يأتي من واقع تعيشه البلاد عامةً على الصعيد الاقتصادي إلى درجةٍ جعلت أحد مسؤولي الاندية يقول بصراحة إن مجموعة من الداعمين لناديه ذهبوا الى الاستدانة لإنقاذ مصالحهم، ومنهم من أغلقها تماماً، والبعض الآخر عاش ظروفاً صعبة بسبب تراكم الديون عليه.
أزمةٌ تعيشها فرقٌ أخرى لناحية ابتعاد المال السياسي عنها بفعل انتفاء السبب عند السياسيين لدعم أندية الكرة، وخصوصاً مع انقضاء الانتخابات وعدم حاجتهم إلى أصوات الجماهير. وهذه الازمة المختلفة الوجوه لا شك في أنها سترخي بظلالها السلبية على المستوى الفني الذي يبدو مع انطلاق الموسم مختلفاً بين فرقٍ وأخرى.
وهنا يقفز الحديث نحو مسألة أساسية، وهي تقسيم فرق الدوري الى ثلاثة مستويات: الاول يضم ثلاثة فرقٍ لا تعيش مشاكل مالية، بل بإمكانها تأمين ميزانياتها الضخمة والمبالغ فيها احياناً، قياساً بواقع اللعبة، وهي فرق الانصار، والنجمة، والعهد. أما المستوى الثاني فيضم الفرق الميسورة التي تعرف كيفية إيجاد التوازن موسماً بعد آخر على الصعيد المالي من دون أن تعيش أوجاع الرأس لناحية اتخاذ خطوات تفوق قدراتها المالية. ويبقى المستوى الثالث الذي يضم تلك الفرق التي تعيش حالة تقشف، وهي التي يمكن أن تكون موجودة في دوامة الهبوط الى الدرجة الثانية.

المستوى الأول
لا يخفى أن الميزانية الاعلى هي تلك التي وضعها نادي الانصار، آملاً إنهاء صيامه المستمر منذ عام 2007 واستعادة لقب الدوري الذي حمله 13 مرة. ميزانية «الزعيم» تقارب 3 ملايين دولار، وهو أمر غير مستغرب في ظل آلية العمل الانصارية، إن كان على مستوى الإعداد للمباريات أو على صعيد التعاقدات التي فرضت رواتب عالية. وفي الشق الاول، وبما أن الادارة تشير دائماً الى أنها تعمل على تأمين أفضل الجوانب التحضيرية للقاءات لتأمين نتائج ايجابية، فإن كل مباراة يمكن ان تصل كلفتها بالنسبة اليها الى 8 أو 9 آلاف دولار بين المصاريف الخاصة بها والاقامة في الفندق وغيرها من الامور اللوجستية.
اما الرواتب فتصل شهرياً الى ما يقارب 100 الف دولار، وهو أمر طبيعي، إذ إن الانصار كان قد تعاقد مع مجموعة من النجوم المحليين والاجانب أصحاب الرواتب المرتفعة وبعقود احترافية، وهي خطة يعتبرها البعض مغامرة، لأن النتائج قد لا تصبّ في مصلحته في نهاية المطاف، بفعل المنافسة الحامية الوطيس الموجودة مع النجمة والعهد.
ويشرح أمين سر الانصار عباس حسن الصورة العامة قائلاً: «طبعاً القيمة المالية التي يدفعها النادي لتعزيز صفوف فريقه ليست كافية، بل هناك عوامل يفترض أن تتوافر لحماية هذا الاستثمار؛ فارتفاع مستوى الدفع المالي يجب ان يترافق مع جوانب اخرى عبر صرف الاموال لتأمين افضل الظروف الفنية، منها مثلاً مواكبة التطوّر التكنولوجي المكلف، لكن المفيد للاطلاع الدائم على حضور اللاعبين وجاهزيتهم، وهو ما تؤمّنه على سبيل المثال اجهزة خاصة تسمح للمدرب بمطالعة البيانات واختيار اللاعبين الافضل للعب في المباريات، وبالتالي تحقيق النتائج المطلوبة». ويضيف: «ببساطة، الميزانية العالية تثمر إذا ما ترافقت مع عمل إداري محترف يحميها».
أزمة مالية مختلفة الوجوه تقضّ مضاجع غالبية أندية كرة القدم

كلامٌ منطقي، لكنّ هناك ظروفاً أخرى ايضاً يمكن ان تقضي على الاستثمار، وهي ترتبط باللاعب نفسه وطريقة عيشه خلال حياته اليومية، وهو الامر الذي يقلق الاندية عامةً.
المهم أنه في موازاة عمل اندية المقدّمة على رفع مستوى التنافس الاداري، احترافياً ومالياً، أسهم ارتفاع قيمة العقود وحجم التعاقدات في تضخّم كبير على الساحة الكروية، فارتفعت ميزانية النجمة الى 1.6 مليون دولار هذا الموسم، وذلك في موازاة العمل الاداري الدؤوب والدقيق لإيجاد التوازن في ما خصّ الرواتب المدفوعة، فكان التخفيض في مكانٍ ما، ودفع المبالغ العالية لأولئك الذين يستحقونها.
في المقابل، ورغم عدم نشاطه الواسع في سوق الانتقالات، قاربت ميزانية العهد تلك الخاصة بالنجمة، وهو أمر معروف، لكون بطل لبنان كان قد ضمّ اليه العديد من نجوم اللعبة في المواسم القريبة الماضية، وكان السبّاق في جذبهم اليه عبر منحهم رواتب لم يكن بإمكان الاندية الاخرى دفعها لمنافسته في السوق، ما منحه بالتأكيد الافضلية الفنيّة عليها، فكانت النتيجة رفع عدد ألقابه الى سبعة في الدوري، منها ثلاثة متتالية.

المستوى الثاني
الخطوات التي اتخذتها «الأحصنة الثلاثة» لمقدّمة الترتيب هي ما يمكن الاشارة اليه للتصويب على ما يمكن أن يفرض فوارق فنية بين فرق المستوى الأول وتلك التي يمكن تصنيفها في المستوى الثاني، وذلك استناداً الى الميزانيات المرصودة من قبل كلٍّ منها.
ويرى رئيس نادي شباب الساحل سمير دبوق أن «حجم الميزانية يؤثر في النتائج الفنية بشكلٍ كبير، إذ إنها تؤّمن للفريق مقعد بدلاء قوياً مثلاً أو تضعه في حالة استقرار نفسي وفني خلال موسم طويل لا يخلو عادةً من التعقيدات».
والساحل الذي تبلغ ميزانيته 550 الف دولار، هو أحد الفرق القليلة التي قاربت الوضع العام بدقّة لناحية سدّ حاجاتها من دون المبالغة في التبذير والتعاقدات، بل خلقت التوازن من خلال إضافة لاعبين تحتاج إليهم فعلاً في تشكيلاتها.
وفي ظل الصعوبات التي تعيشها فرق «المستوى الثاني» لتأمين ميزانياتها والدعم المالي الضروري، بدا الإخاء الاهلي عاليه في وضعٍ شبيه بالساحل لناحية الرقم المرصود، والذي قد يرتفع الى 620 الف دولار وفق الحسابات الاوليّة.
حسابات ينتظر الصفاء أن تكون نتائجها بحجم الرقم الذي وضعه نصب عينيه، ويصل الى 800 الف دولار، وهو رقم يأمل أن يجد الحلول لتأمينه من دون مشاكل، وذلك بعد أن رصد ميزانية غير بسيطة لإعادة ترميم فريقه.
ويدخل البرج ضمن هذه الدائرة بميزانية تقدّر بـ500 الف دولار حتى هذه اللحظة، مقابل رصد جاره شباب البرج بين 370 ألفاً و400 الف دولار لتجديد الإقامة في دوري الاضواء.
في المقابل، سجّل السلام زغرتا تراجعاً على صعيد الرقم الموسمي الذي وصل الى 900 الف دولار في الموسم الماضي، ويُرجّح ألا يتجاوز 600 الف دولار هذا الموسم.

المستوى الثالث
طبعاً، أي تراجع على صعيد الارقام يمكن أن ينعكس بشكلٍ كبير تراجعاً على مستوى النتائج، وهو أمر كان جليّاً في أول مباراة خاضها فريق طرابلس، وفي إطلالتَي التضامن صور والشباب الغازية، إذ إنه لا ميزانية محددة وواضحة بالنسبة الى سفيري الشمال والجنوب. هما أصلاً عرفا فترة مضطربة قبل انطلاق الموسم بأشهرٍ عديدة بسبب صعوبة تأمين الدعم المالي الذي يتمّ البحث عنه بشكلٍ متفرّق في الفترة الحالية، غالباً بطرقٍ تقليدية.
أما الغازية، فإن ميزانيته لن تتجاوز 200 الف دولار، بحسب أمين السر علي حسون، الذي يؤكد أنها «أقل من الموسم الماضي، وهو أمر ليس مفاجئاً، لأنه ليس هناك أي مردود من المباريات ولا أرباح أو رعاة ينعشون الخزينة المالية».
وبعيداً عن كل هذه الارقام والتحليلات الأوليّة، يمكن أن يذلل اللاعبون الفوارق الفنية أو يخلقونها أحياناً، فلا يمكن إسقاط المفاجآت من المعادلة أو استبعاد أي شيء على أرض الملعب، إذ إن التجارب السابقة أثبتت أن المال ليس كل شيء، بل هناك محطات تفرض صورة غير متوقعة تنطلق من رغبة اللاعبين أولاً وأخيراً في تحقيق النتائج الإيجابية والإنجازات.

عرقجي والـ NBA: طموحٌ مشروع وواقعٌ معروف

04-07-2019

بين كرة السلة اللبنانية ونظيرتها الأميركية مسافة فنيّة بحجم تلك التي تفصل لبنان عن الولايات المتحدة، لكن رغم ذلك، بقيت أحلام الكثيرين معلّقة باتجاه الدوري الأميركي للمحترفين بغية رؤية لاعب لبناني هناك، تماماً كما كان الأمر مع روني صيقلي الذي يمكن اعتباره حالة خاصة في الملاعب اللبنانية

لا يختلف اثنان حول حجم موهبة نجم نادي الرياضي ومنتخب لبنان وائل عرقجي، فهو بلا شك علامة فارقة بين أبناء جيله، وهو بالتأكيد الوريث الشرعي لجيلٍ ذهبي لم يجد أركانه الكثير من الخلفاء عند تركهم ملاعب كرة السلة اللبنانية.
عرقجي كغيره من اللاعبين اللبنانيين الذين برزوا على الساحتين المحلية والآسيوية، استحق لفتة استثنائية عبر ظهور اهتمام خارجي به. هذا الاهتمام قيل إنه من دول في القارة الصفراء وتحديداً الصين، وكذلك من إحدى الدول الأوروبية، لكن بالتأكيد بقي الحلم الأكبر لدى الفتى الموهوب هو العبور الى الساحة الأقوى في عالم المستديرة البرتقالية، أي الدوري الأميركي للمحترفين.
هو طموح مشروع للاعبٍ يملك ثقة كبيرة على أرض الملعب، ترجمها غالباً بتصويباته الدقيقة في الأوقات الحاسمة، وباختراقاته في مواجهة لاعبين أقوى منه بدنياً أو حتى أطول. من هنا، يمكن وصف عرقجي بصانع الألعاب العصري الذي شكل علامة فارقة في الملاعب اللبنانية، رغم أنها قدّمت العديد من المواهب في المركز الرقم 1. لكن عرقجي يختلف عنهم جميعهم، لا بسبب طوله الذي يسمح للاعبين آخرين بشغل المركز الرقم 2 عادةً، بل من خلال الأسلوب الخاص الذي يقارب الأسلوب الأوروبي في صناعة الألعاب، ما يجعل أسهمه للاحتراف في الخارج عالية، وذلك في ظل وجود اقتناع حتى داخل الرياضي بأن الأمر هو مسألة وقت حتى يجد اللاعب نفسه بعيداً من بطل لبنان، وتحت أضواء الاحتراف الخارجي.
هذا الاستعراض الفني لعرقجي هو للدلالة على رفعة مستواه الفني، لكن الواقعية يفترض أن تكون حاضرة أيضاً عند الكلام عن إمكانية رؤيته في الـ«أن بي آي» في الفترة المقبلة.
صحيح أن الشاب الموهوب ترك أثراً طيّباً في المعسكر المصغّر لفريق دالاس مافريكس، وتلقى دعوة للمشاركة مع فريق ولاية تكساس في المخيم الصيفي، لكن هنا تكمن الصعوبة ويصحو الجميع من الحلم الجميل، إذ إن نجم منتخب لبنان ليس الوحيد الذي يملك الموهبة الفطرية والإمكانات الفنية، بل هناك مئات اللاعبين من حول العالم يسعون الى اقتحام ساحة دوري العمالقة، والقسم الأكبر منهم يأتي من بلدانٍ متقدّمة أكثر من لبنان على الصعيد السلوي.

إذا ما كان هناك لاعب لبناني يستحق الاحتراف على أعلى مستوى فهو عرقجي

المهم أن عرقجي ليس الأول الذي حاول القيام بخطوة كبيرة باتجاه الدوري الأميركي، إذ بعد تألقه في نهائيات كأس العالم 2002، تلقى النجم فادي الخطيب في السنة التي تلت دعوةً من فريق لوس أنجلس كليبرز للمشاركة في المعسكر المصغّر الخاص به. حينها لم يكن أحد يشك في إمكانية نجاح «التايغر» في هذا الاختبار، فهو لفت الأنظار سريعاً بين مجموعة من اللاعبين الذين كان قد تعاقد كليبرز معهم حديثاً، أو كان في اتجاهه لضمهم الى صفوفه. بعدها تضاربت الأخبار حول نهاية القصة، وذلك بين من قال إن الخطيب لم يكن موفّقاً في خطوته، وبين من أشار الى تلقيه عرضاً للتوقيع على عقدٍ لمدة 10 أيام، ليتدرّب مع الفريق ويكون تحت مجهر القيّمين عليه قبل توقيعه على عقدٍ نهائي، لكن هذا الأمر لم يحصل بحسب الرواية، بعدما طلب منه الرئيس التاريخي للحكمة أنطوان شويري العودة الى لبنان لاستكمال مسيرته مع الفريق الأخضر.
غالب رضا أيضاً تدرّب مع فريقٍ رديف لأحد فرق الـ«أن بي آي» من دون أن تتم الإضاءة على الموضوع، كما هي الحال بالنسبة الى عرقجي حالياً، في ظل تعامل وسائل الإعلام مع الدعوة التي تلقاها وكأنه وقّع فعلاً على عقد انضمامه الى الفريق السابق للنجم الألماني الشهير ديرك نوفيتسكي.
الإعلام أصلاً ظلم البعض في هذا الإطار، إذ إن روني صيقلي حاز شهرة عالمية من خلال الإعلام الأميركي أكثر من اللبناني، ربما لأنه لم يتخرّج في الملاعب اللبنانية، وربما لأنه لم يكن على تماس مع الإعلام اللبناني. لكن هذه النقطة تحديداً هي ما أوصلته الى دوري العمالقة حيث انطلقت مسيرته المميزة مع ميامي هيت، قبل أن يتنقّل بين فرق غولدن ستايت ووريرز، أولاندو ماجيك ونيوجرسي نتس. لاعب الارتكاز القوي كان قد خطا أولى خطواته في عالم كرة السلة في بلدٍ يملك قاعدة سلوية صحيحة ومهمة أي اليونان، قبل أن يعبر المحيط الى الولايات المتحدة، ويلعب في دوري الجامعات، ما يعني أنه سار على الطريق الصحيح للوصول الى النجومية.

هذه المسألة لم ولن تكون حاضرة في أي من الحالات المرتبطة باللاعبين اللبنانيين الطامحين إلى اللعب في الدوري الأميركي، إذ إن الواقع يقول بأن انطلاقة اللاعب هي الأساس، ومكان تلك الانطلاقة هو من الأساسيات أيضاً. والأهم هو ما يرافق هذه الانطلاقة من مقاربة تدريبية صحيحة على مختلف الأصعدة، وهي نقطة لا يمكن لمسها بشكلٍ مثالي في كرة السلة اللبنانية، حيث لم يتطوّر المستوى التدريبي الفني والبدني على حدٍّ سواء.
لكن رغم ذلك، لا يمكن إسقاط الأمل لناحية الخطوة المهمة التي أقدم عليها عرقجي، إذ إن الموضوع لا يرتبط بالبلد الأصلي في بعض الأحيان، والدليل الأبرز على هذه المقولة تألق باسكال سياكام مع تورونتو رابتورز ومساهمته الكبيرة في فوزه باللقب للمرة الأولى في تاريخه، حيث برز كأكثر اللاعبين تطوّراً خلال الموسم المنتهي. سياكام هو من الكاميرون التي انكفأت لفترة غير قصيرة على الصعيد السلوي، ولكن لاعبها شقّ طريقه الى البطولة الأهم. والأمر عينه ينطبق على اليابان، إذ قبل أيام اختار واشنطن ويزاردز روي هاشيمورا (والده من بنين ووالدته يابانية) في عملية «الدرافت»، ليكون أول لاعبٍ مولودٍ في «بلاد الأباطرة» يخوض تجربة في الدوري الأميركي. هي خطوة قد يضعها البعض طبعاً في سياق فتح باب على الأسواق اليابانية من قبل نادي العاصمة الأميركية، لكن لمَ لا يكون دالاس يملك فكرة مماثلة ويرمي الى أهدافٍ مشابهة في الشرق الأوسط، حيث تبدو موهبة لاعبٍ مثل عرقجي نادرة جداً؟

الحكمة... ارتياح كروي وقلق سلّوي!
خطوط عريضة بدأ العمل عليها
رياضة محلية قضية شربل كريّم الخميس 2 أيار 2019

خطوط عريضة بدأ العمل عليها
ناهز دَين نادي الحكمة ثلاثة ملايين دولار

لم يمرّ الكلام الأخير لرئيس نادي الحكمة إيلي يحشوشي مرور الكرام عند محبي النادي الأخضر، فصراحة الرجل تركت ارتياحاً في مكانٍ ما بما يخصّ الحلول المرتقبة التي تعمل عليها الإدارة، وخوفاً أيضاً، بسبب حجم الديون المتراكمة وبعض المشاكل التي لا تزال متشعّبة

رسم رئيس نادي الحكمة إيلي يحشوشي، الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة التي سيُقدم عليها النادي. مرحلةٌ قرأ الحكماويون الكثير من سطور التفاؤل فيها، لكنهم في الوقت نفسه لمسوا مدى العقبات الموجودة حالياً والصعوبات الكثيرة التي ستجعل عجلة العمل ثقيلة خلال دورانها في محطات معيّنة.

مما لا شك فيه، أن «محازبي» كرة القدم في النادي يشعرون براحة أكبر من تلك التي يمكن أن يشعر بها «الجناح السلوي»، وهو أمر منطقي، إذ بعيداً عن وجود جزء كبير من أعضاء الإدارة الحكماوية من محبي الفوتبول، فإن كلام الرئيس عكس أمراً واضحاً، هو أن المهمة أسهل لبناء فريق يعيد الحكمة إلى دوري الأضواء، منه إلى تأسيس فريقٍ منافس في كرة السلة. وهذه مسألة منطقية استناداً إلى الميزانية المطلوبة لترفيع فريقٍ إلى الأولى، والتي قد لا تتجاوز 400 ألف دولار، بينما ستتخطى المليون دولار بالتأكيد أي ميزانية لخلق فريقٍ قوي، وربما ضعف هذا المبلغ في الحكمة تحديداً بالنظر إلى الوضع الفني الذي ظهر عليه الفريق الأخضر في بطولة لبنان لكرة السلة هذا الموسم.

ويتعزز الارتياح لدى جمهور كرة القدم مع تشديد يحشوشي على أنه وإدارته ضد إلغاء فريق الفوتبول «وكانت لنا اليد الطولى لمنع حدوث ما يمكن وصفه بالمجزرة وقتذاك بحق الفريق». وما يعزّز منح الاهتمام لفريق كرة القدم بقدر ما كان موجوداً دائماً لفريق كرة السلة، هو التوجّه لعملية إعادة بناء ملعب الحكمة في عين نجم بسرعة، لتكون تلك المساحة المهملة حالياً، التي تحوّلت إلى حقلٍ برّي، مساحة فعلية لتنشئة جيلٍ كروي حكماوي يمكنه الدفاع عن ألوان النادي.

وفي هذا الإطار كشف يحشوشي للمرة الأولى في حديث تلفزيوني، «وضع المطران بولس مطر الملعب بتصرفنا للعمل على مشروعٍ تطويري، وقد بدأت الإدارة وضع الأسس لبناء مدينة الحكمة الرياضية التي ستضم ملعباً لكرة القدم وآخر لكرة السلة، إضافةً إلى ملاعب أخرى مغلقة، والمركز الرئيسي والنهائي للنادي بدلاً من المركز الحالي في مبنى القدامى في الأشرفية».

وإذا كانت الإدارات السابقة كلّها قد تحدثت عن تحويل النادي إلى مؤسسة أو تشييد ملعبٍ خاص بأحد الفريقين، فإن يحشوشي رأى أن الفارق هذه المرّة هو أن الجمهور يريد أن يشترك في عملية تطوير النادي، وذلك بعدما تحمّل المسؤولية في الفترة الاخيرة، غامزاً من قناة الضغط الجماهيري بعد نزول المشجعين إلى الشارع، مطالبين بالتغيير الإداري.

أما النقطة الأخرى التي يمكن أن تريح الجمهور الكروي، فهو تأكيد رئيس النادي أكثر من مرّة أن الدرجة الثانية ليست مكان فريق كرة القدم في الحكمة، مبدياً ارتياحه للعودة إلى اللعب في دوري الأضواء بعد لقائه مع رئيس الاتحاد اللبناني هاشم حيدر، ومعتبراً أن الوضع تغيّر عن السابق، أي عن تلك الأيام التي شعر فيها النادي بأنه «مُحارب» في مكانٍ ما.

الوضع المالي والديون
في ظل الجو الإيجابي الحاضر حول الملاعب الخضراء، إن مجرد الحديث عن كرة السلة يأخذ الكلام حول حجم الديون المتراكمة على النادي، الذي بلا شك أُثقلت خزينته بالأرقام السلبيّة بسبب الخطوات غير المحسوبة التي اتُّخذت في محطاتٍ عدة تحت شعار استعادة لقب بطولة لبنان التي غابت عن الخزائن الحكماوية منذ عام 2004 حين تُوّج الفريق بلقبه الثامن.
والحديث عن الأرقام فتح الباب أمام توجيه يحشوشي لرسائل باتجاهات مختلفة حول الحقيقة المالية في النادي قبل وصول الإدارة الحالية وبعده، «قيل لنا إن ديون النادي هي 700 ألف دولار، لكن قبل تسلّمنا بفترة قصيرة ومراجعاتنا وصلنا إلى رقم بلغ مليوناً و600 ألف دولار.

أما اليوم، فالدَّين هو مليون و650 ألف دولار من دون المصاريف التي تكفّلنا بها مع تسلّمنا الإدارة». وأضاف موجّهاً رسالة أخرى، ومُسقطاً فرضية الاستقالة: «مستمرون رغم حرب الإلغاء التي شنّها البعض على نادي الحكمة والمستمرة حالياً. وهذه الحرب للأسف على مستويات عدة ومن فئات عدة وأشخاص عدة».

سيكون هناك اهتمام بكرة القدم أكثر من كرة السلة في الحكمة

وتطرّق يحشوشي إلى خططٍ بثلاث نقاط في ما خصّ التوصل إلى اتفاق مع المدرب السابق فؤاد أبو شقرا حول المشكلة المالية بينه وبين النادي. لكن مع رفضه الكشف عن هذه الخطط لمواجهة ما سمّاه «الحرب»، قرأ البعض هذا الكلام بأنه يملك بعض التفاصيل التي يمكن أن تأخذ الأمور إلى حيث تريد الإدارة الجديدة. وما يعزّز هذه الفرضية قوله إنه يأمل أن تنتهي هذه القضايا «بشكل نظيف ورايق». وكان الحكمة قد تعرض لعقوبات من الفيبا قبل أسابيع بسبب عدم دفع مستحقات مدرب النادي السابق فؤاد أبو شقرا المالية، والتي وصلت بحسب بعض التقديرات إلى نحو 400 ألف دولار. وقال المدرب السابق في أكثر من مناسبة إنه أعلن استعداده للتخلي عن جزء من هذه المستحقات، لكنه لم يلقَ التجاوب المطلوب.

كلام رئيس النادي كان واضحاً في هذا الإطار، حيث قال: «علينا محاسبة من سبقنا لنقنع من سيخلفنا بأنه يمكنه محاسبتنا أيضاً، وهناك دفتر سيُفتح»، مشدداً على أن كل الملفات فتحتها لجان التحقيق في النادي «وسنقول عندما نجد اي مقصّر وسنعطي صاحب الحق حقه اذا ما وُجد».

أما الأهم بالنسبة إلى محبي كرة السلة، فإن الواقعية كانت حاضرة عندما قال رئيس نادي الحكمة إنه عند انتخاب اللجنة الإدارية كان الهدف وضع الفريق في «الفاينال فور» في الموسم المقبل «لكن هذا كان عند رقم الدين الذي وصل الى مليون و600 الف دولار، لكن مع رقم ناهز 3 ملايين دولار، ستختلف الحسابات. أما الحل، فهو عند الحكماويين انفسهم مع توجّه لفتح الجمعية العمومية وتقريب أصدقاء الحكمة من النادي لمساعدته. لذا، أقولها بصراحة: يمكن أن يكون هناك تأخير في موضوع التأهل إلى دور الأربعة.

لذا، علينا أن نتمتع بطول البال، لأننا نعمل بشكلٍ دقيق على الموضوع المالي، وإذا ما استطعنا تأمين ميزانيتين لترفيع فريق الفوتبول إلى الأولى وتأهيل فريق السلة إلى «الفاينال فور»، نكون قد أصبنا الهدفين اللذين وضعناهما عند وصولنا إلى اللجنة الإدارية».

ويبقى الهدف الأساسي بالنسبة إلى الإدارة الجديدة، ترك النادي بعد 4 سنوات من دون أي ديون ومع مشروع مدينة رياضية، وجاهز مجدداً لرسم المزيد من الإنجازات وتعزيز تاريخه الذي بدأ قبل 76 سنة.

الأندية في قفص الاتهام
حنين الى الزمن الجميل

04-09-2019

بين الماضي والحاضر تبدّلت الامور كثيراً في كرة القدم اللبنانية، فولد ذاك الحنين الى الزمن الجميل، أي الى تلك الايام حيث عرفت الفرق زحمة على صعيد اللاعبين أصحاب المستوى المميز، وهو أمر يختلف تماماً عمّا هي عليه الحال في هذا الزمن، حيث بات اللاعب الجيّد عملة صعبة، فباتت صورة اللعبة مغايرة كليّاً

يكرر أحد اللاعبين المخضرمين الذين لا يزالون يتألقون في الملاعب، رغم تخطّيه سن الاعتزال الطبيعي، أن عمره طال في اللعبة بسبب قلّة اللاعبين المميزين الذين اقتحموا كرة القدم اللبنانية في المواسم القريبة الماضية. ويتقاطع هذا الكلام مع حنين كبير عند البعض الى أيام لاعبين نجوم لا يزالون يستذكرون أهدافهم الجميلة وإنجازاتهم الكثيرة على صعيدي الاندية والمنتخب. وينسحب الكلام ايضاً ليصل الى حدّ المقارنة بين ما عرفته ملاعب لبنان وما تشهده حالياً، حيث يتمّ التصويب تحديداً على مسألة انخفاض مستوى المنافسة والمستوى الفني بسبب عدم ارتقاء مستوى عددٍ لا يستهان به من اللاعبين الى مرتبة اللعب في دوري الدرجة الاولى.

المهم أن الاسباب تتعدد لهذه المعضلة التي تلاحق الدوري اللبناني موسماً بعد آخر، لكن المفارقة أنها تصبّ في مكانٍ واحد في نهاية المطاف، حيث يمكن تحديد هوية المسؤول الاول والاخير عنها، والتي لا يبدو أن الحلّ لها يقف على مسافة قريبة من الملاعب التي اشتاق جمهورها الى أسماء تطلق آهاتهم ويتغنون بها على أنها رموز وطنية وتالياً تاريخية.
العودة الى الماضي لا تترك المرء أمام اقتناع مستند إلى أسس علمية تقول بأن هناك فوارق كبيرة بين اللاعب في الماضي ونظيره في الحاضر، إذ إن الامر قد يكون طبيعياً لاسبابٍ لا ترتبط بالقدرة الفنية للاعبين السابقين والحاليين. هذه المسألة تأخذنا الى نقطة اساسية، وهي العقلية القديمة التي لا تزال سائدة في اللعبة، والتي لم تتبدل مع تبدّل كرة القدم وتطوّرها، ما أبقى اللاعب اللبناني في الدائرة نفسها، أي إنه بقي واقفاً في مكانٍ يبعد سنوات طويلة الى الوراء. واللافت أنه في تلك السنوات كان عطاء اللاعب أكبر، وذلك انطلاقاً من انتمائه العاطفي الى ناديه، وذلك عكس ما ظهرت عليه الحال في أحيان كثيرة، في الفترة الاخيرة، حيث الولاء الاول هو للقيمة المالية التي يتمحور حولها العقد الذي يربط اللاعب بالنادي الذي يدافع عن الوانه.

بين الهواية والاحتراف
وتضاف الى هذه النقطة نقطة اخرى لا يمكن أن تسقط من ذهن متابعي الكرة في تسعينيات القرن الماضي ولا يزالون يتابعونها في ايامنا هذه. وهنا الحديث عن ملاحظة يمكن اخذها من اي صورة قديمة للاعبين ينشطون في الدوري، حيث تبدو البنية الجسدية لغالبيتهم ممتازة، وذلك بعكس ما يظهر عليه لاعبون حاليون يلعبون في دوري الاضواء لكنهم لا يتمتعون بالمقوّمات البدنية المطلوبة.
لهذه النقطة اهمية فنية يعرفها المدربون المحليون، وتحديداً اولئك الذين خاضوا غمار دوري الدرجة الاولى، إذ يعلمون مدى تأثيرها على الاداء العام للاعب، ويعلمون ايضاً سبب ضعف اللاعبين الحاليين على هذا الصعيد، وهو طريقة عيشهم غير المتزنة وعدم انتباههم الى انواع مأكلهم وساعات نومهم، وهو أمر مستغرب لكون قسم كبير منهم يعيش حياة شبه احترافية بحيث لا يشغل أي وظيفة غير الكرة، وذلك عكس الوضع في الماضي حيث عاش اللاعبون ظروفاً صعبة بفعل وظائف متعبة، لكنها ايضاً انعكست ايجاباً على طريقة عيشهم في مكانٍ ما، إذ كونها كانت تفرض عليهم الاستيقاظ باكراً، فاضطروا إلى الخلود للنوم في وقتٍ مبكر وابتعدوا عن السهر.

لذا، فإن مسألة ذهاب البعض الى عيش حياة الاحتراف من دون الانشغال بوظيفة اخرى أخذته الى العيش حرّاً ومن دون التزامات، فوجد وقت فراغٍ كبيراً وأراد ملأه احياناً بأمورٍ تؤثر سلباً في مسيرته الكروية، منها السهر أو تحويل الطعام الى وسيلة تسلية.

العقلية الادارية القديمة
كل هذا لا يساعد اللاعب الحالي على تطوير مستواه، لكن ايضاً هناك من يُسأل بشكلٍ اساسي عن عدم تطوّر اللاعب واللعبة، وهي ادارات الاندية التي تعتبر المسؤولة الاولى عن كل شيء في ما خصّ القرارات التي ترتبط بفرقها عامة. هذه الإدارات هي من يختار المدربين، وهي من تضع استراتيجيات الانتقالات، وهي التي تشرف على فرق الفئات العمرية المفترض ان تكون منتجة، وهي مسؤولة عن الارض التي يُفترض الزرع فيها، أي الملاعب التي لا تصلح بمعظمها لإطلاق مشاريع تطوير اللاعبين منذ صغرهم حتى الفريق الاول.

ويبدو لافتاً أن كل الاندية ذهبت الى تعيين لاعبين سابقين للاشراف على اجهزتها الفنية، لكن القسم الاكبر منهم فشل في مهامه، لا بل بشكلٍ أدقّ فشل في تقديم لاعبٍ متميّز على صورته. وفي هذه النقطة ضرر عام على اللعبة، لكن سببها بديهي أيضاً، إذ إنه في ايام هؤلاء المدربين الذين تميّزوا سابقاً كلاعبين بالفطرة، لم يكن هناك مدربون تكتيكيون على مستوى عالٍ، وبالتالي لم يتلقَّ المدربون الحاليون اعلى الافكار التكتيكية، لذا لا يمكنهم تطوير اللاعبين الحاليين، ما يعني أنه ليس هناك كوادر تدريب يخدمون اللعبة بالشكل المطلوب، وهو أمر تُسأل عنه الاندية طبعاً، وخصوصاً تلك التي لا تثق الى حدٍّ كبير بالمدرب الاجنبي القادم عادةً بمشروع بناء طويل الامد مقابل طلبٍ مشترك عند هذه الاندية بتحقيق النتائج قبل اي شيء آخر، لا الاستثمار باللاعبين الشبان ومنحهم فرصة الاحتكاك للتطوّر، وهو أمر لو لم يكن موجوداً لما ذهب الاتحاد اللبناني أخيراً الى إجبار كل نادٍ على إشراك عددٍ معيّن من اللاعبين الشبان في الموسم المقبل.

ومسألة النهج العام أو العقلية الادارية السائدة التي تركّز على الاهتمام بالفريق الاول بشكلٍ خاص، لا تؤسّس بشكلٍ صحيح على صعيد الناشئين ثم تطلب تنمية موهبته عندما يصل الى الفريق الاول بفعل تلك الموهبة الطبيعية التي ولدت معه. لكن ما هو متعارف عليه هو أن المدير الفني لا يمكنه تطوير اللاعب على صعيد تنمية عضلاته مثلاً إذا لم يكن قد تأسّس اصلاً بالشكل المطلوب، فالادارة الفنية بطبيعة الحال ليست تدريباً مباشراً، ولهذا السبب يوجد مدربون متخصصون في جوانب عديدة مع المديرين الفنيين في العالم المتقدّم. والمدير الفني في نهاية المطاف يتركز عمله الاساسي على ضبط الفريق تكتيكياً ووضع الاستراتيجيات المناسبة، والدقة في اختيار اللاعبين، وقراءة المباريات بشكلٍ صحيح، وادارة المجموعة.

ببساطة، صناعة اللاعب تبدأ من إدارات الاندية التي تعيّن أيضاً اللجان الفنية الموكلة باستراتيجياته العامة، والتي تضع الهيكلية المالية المفترض أن يتم استثمارها في الاماكن الصحيحة لتفرز هيكلية فنية عامة انطلاقاً من الفئات العمرية وصولاً الى الفريق الاول.
إذا، المُنتِج الاساسي هو الاداري الذي لديه فكر معيّن، وهو فكر لم يتبدّل مع تبدّل الزمن في انديةٍ عديدة، وقد ظهر في الاعوام الاخيرة انه بات متشابهاً بين نادٍ وآخر، فاللوم لا يجب أن يُلقى دائماً على المشاكل المالية، إذ حتى لو سلّمنا جدلاً بأن مداخيل اللعبة صارت كبيرة وقررت الدولة دعمها، ليس هناك كوادر كثُر لإدارة الاندية بشكلٍ مثالي، بسبب سيطرة العقلية القديمة التي ترفض احياناً الافكار الشابة وتبعد الاداريين الشبان.

والاهمية الادارية في تطوير اللعبة تبدو جليّة حتى من خلال القوانين العصرية، ويمكن اخذ معايير الاتحاد الآسيوي لناحية شروط المشاركة في دوري ابطال آسيا، والتي تصوّب مباشرة على ضرورة وجود الادارة المحترفة بكل ما للكلمة من معنى، بينما في لبنان لا يمكن الدعوة الى الاحتراف في ظل سيطرة العقلية الهاوية التي لم تأخذ اللعبة الى الامام سابقاً، إذ يبدو الوضع وكأن الاندية تدور في نفس الحلقة موسماً بعد آخر، فيبقى العمل اليومي كلاسيكياً، ويتّسع الفراغ الذي يدور حوله الجميع موسماً بعد آخر، فيترك خلفه فراغاً لناحية ايجاد خلفاء جديرين للنجوم القديمين.

حنين الى الزمن الجميل

الأنصار يبحث عن «زعامة» مفقودة

10-09-2018

11 عاماً مرّت على إحراز نادي الأنصار للقب الدوري اللبناني لكرة القدم. فترة طويلة برقمٍ يطابق عدد المواسم المتتالية التي بقي فيها اللقب في خزائن النادي الأخضر. هو الرقم نفسه الذي يُحضر عبارة واحدة: شتّان ما بين الماضي والحاضر

أنصار اليوم ليس هو أنصار الأمس. هذه المسألة بات يعرفها القاصي والداني، فالفريق الأخضر الذي كان «لا يقهر» يوماً ما، بات سبباً لقهرٍ يعيشه محبوه بعدما تابعوه يسقط هنا وهناك ويترك ثوب الزعامة التي احتكرها لفترةٍ طويلة إلى فرقٍ أخرى مثل العهد والنجمة والصفاء.

فوز الأنصار بكأس لبنان للمرة الـ 14 في تاريخه (رقم قياسي) في الموسم قبل الماضي لم يشفع له ولم يشكّل نقطة تحوّل في الموسم الأخير، لا بل تحوّل إلى سببٍ إضافي لزيادة مآسي النادي من خلال النتائج السلبية التي سجّلها الفريق في غالبية مبارياته في كأس الاتحاد الآسيوي.

الواقع أنه ورغم النشاط الكبير الذي عرفه الأنصار خلال الصيف على صعيد التعاقدات، لا يمكن أبداً التنبؤ بما سيقدّمه الفريق في الموسم الجديد. فالأمر عينه عاشه بطل لبنان 13 مرة (رقم قياسي أيضاً) في الصيف الماضي حيث أجرى سلسلة من الصفقات التي حملت أسماء معروفة إلى الفريق لعل أبرزها عباس عطوي «أونيكا» من العهد وخالد تكه جي من النجمة. كما أنه سجّل بداية قوية بتغلبه على طرابلس 5-1 في الجولة الافتتاحية، قبل أن يحقق نفس النتيجة في «الدربي» الشهير أمام النجمة في المرحلة الثالثة.

استبشر الجميع خيراً بعد تلك الأمسية على ملعب مدينة كميل شمعون الرياضيّة، وما لم يتوقعوه هو أن المباراة المذكورة كانت «خاتمة أفراح» الأنصار إذا ما تحدثنا عن تحقيق النتائج الكبيرة والانتصارات اللافتة في المشوارين المحلي والقاري.
كذلك، فإن التحضيرات للموسم الماضي الذي أنهاه الأنصار رابعاً في الدوري (فاز في 9 مباريات، تعادل في 6، وخسر 7)، بدأت مع مدرب قبل أن تنتقل الراية إلى مدربٍ آخر لم يستطع بناء فريقه بحسب ما يراه فانطلق معه في الدوري على مضض. القصة عينها تكررت أخيراً، إذ بقي آخر «المدربين الناجين» من «مجزرة الإقالة» التي شهدها النادي تباعاً، وهو التشيكي فرانز ستراكا، لكن ليس لوقتٍ طويل، ففي خضم المعسكر التحضيري للفريق في طرابلس أُبلغ بقرار الإقالة من قبل لاعبيه قبل الإدارة بحسب ما تردد.

صدمة المدافع الدولي السابق لمنتخب تشيكوسلوفاكيا ودموع لاعبيه الذين أحبوه لم تغيّر شيئاً، فوصل في صباح اليوم التالي الأردني عبدالله ابو زمع لتسلم الإدارة الفنية، وهو الذي تواصل معه الأنصار قبل أسابيع على اتخاذ قرار التخلي عن ستراكا. الدموع هي التي شبع من رؤيتها جمهور الأنصار، الذي تراجعت أعداده تباعاً في الملاعب خلال الموسم الماضي، فقد رأى الدموع تمتد حتى إلى أجانبه، إذ يذكر الكل كيف بكى المدافع الغيني ابو بكر كامارا على خروج فريقه الذي وضعه خارج حساباته، عند إقصائه من مسابقة كأس لبنان.

استبعاد كامارا وقتذاك واستبداله بالسوري ثائر كروما بين مرحلتي الذهاب والإياب كان أحد الأخطاء الفنية الكبيرة (إلى جانب عدم منح الفرصة للسنغالي تالا نداي واستقدام الليبيري ثيو ويكس)، التي كثرت كالمدربين الذين أُعلن توليهم دفة التدريب ثم عن إقصاؤهم من منصبهم. وكذا الأجانب الذين جاؤوا في مستهل الموسم وأولئك الذين حضروا عند انتصافه، فوحده الهداف السنغالي الحاج مالك تال كان النقطة المشرقة في المشوار الأنصاري، حيث توّج هدافاً للدوري محققاً لقباً معنوياً لا يسمن ولا يغني.

عاش الأنصار هذا الصيف ظروفاً مشابهة لتلك التي عرفها في صيف العام الماضي

من هنا، يعتبر البعض أن الاجواء نفسها تحيط بالنادي قبل انطلاق الموسم الجديد، لا بل كان التشاؤم حاضراً في نفوسهم عندما اصطدم الرئيس نبيل بدر بتيار المستقبل والرئيس سعد الحريري، فخافوا خروج بدر، وبالتالي عدم إيجاد شخصية بديلة تستطيع تمويل الفريق وإبقاءه على قدميه. كما حلّ التشاؤم في نفوسهم عند الاستغناء عن نجم الفريق ربيع عطايا فانقسموا حول هذا القرار، وهم الذين انتظروا عودة النجم الموهوب منذ أشهر طويلة ليروه يذهب إلى فريقٍ منافس هو نادي العهد في عزّ أزمة فريقهم.

المهم أنه وبالنظر إلى الوضع الفني للفريق، يتبيّن أن الأنصار سيكون جاهزاً للمنافسة على مراكز متقدّمة في جدول الترتيب، إذ حتى مع خروج ستراكا هناك نوع من الإيجابية، فالنادي أنهى مرحلة تردد يعيشها على الصعيد الإداري - الفني وسط بروز عدم اقتناع بالمدرب التشيكي لأسباب قد تكون بعيدة عن عمله في الميدان، ولو أنه أثبت أنه غيّر من صورة الأنصار وبثّ روحاً إيجابية بين اللاعبين، وهو ما انعكس أداءً أفضل على أرض الملعب.

أضف إلى هذه النقطة طريقة العمل في إدارة ملف التعاقدات من حيث عدم التفريط في اللاعبين الذين كانوا مميزين في الموسم الماضي، فبقي الحاج مالك رغم كل شيء، وذلك بعد توقيع عقدٍ طويل الأمد معه حتى قبل العرض الذي تلقاه من نادي أُحد السعودي، بينما تمّ العمل بإصرار للتجديد للاعب الوسط الدولي عدنان حيدر، وذلك في موازاة تصحيح خطأ الموسم الماضي بإعادة الارتباط بالمدافع كامارا.
فعلاً عمل الأنصار على ترتيب كل خطٍّ من خطوطه بطريقة حذرة ومدروسة في آنٍ معاً، إذ حتى في صفقة انتقال عطايا إلى العهد، أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، فطلب لاعباً في كلٍّ من الخطوط الثلاثة: حسن بيطار في الدفاع، غازي حنيني في الوسط، وحسن شعيتو «موني» في الهجوم.

ومن خلال هذه الأسماء الثلاثة لا يمكن إسقاط تبدّل صورة الأنصار في الموسم الجديد، إذ قدّم كل واحدٍ منهم مستوى ثابتاً لمواسم عدة، ولا شيء يمنع من مواصلة تقديم مستوى مميّز خلال المواسم المقبلة. الأنصار يمتلك التاريخ، والجميع ينتظر أن يعود «الزعيم» كما يُعرف في كرة القدم اللبنانيّة، إلى سكة الفوز وتحقيق البطولات، لأنه في حال استعاد الأنصار عافيته فإن ذلك ينعكس إيجاباً على كرة القدم اللبنانيّة، وتعود نكهة «الدربي» إلى سابق عهدها.

سوق انتقالات نَشِط

مرة جديدة كان الأنصار من الأندية الأكثر نشاطاً في سوق الانتقالات الصيفية، فهو إلى جانب تجديده التعاقد مع هدافه السنغالي الحاج مالك تال والمدافع الغيني ابو بكر كامارا ولاعب الوسط الدولي عدنان حيدر، عمل على سدّ ثغرات عدة وخلق خيارات إضافية للمدرب الأردني عبدالله ابو زمع، كونه يدرك بأنه يحتاج إلى مقعد احتياط جيّد ليتمكن من الذهاب بعيداً في مشوار البطولة.
كذلك خلق منافسة على المراكز، إذ على سبيل المثال ضم الظهير الأيمن يوسف عنبر (يمكن أن يشغل مركز الجناح) من التضامن صور، والظهير الأيسر حمزة علي من طرابلس، ليضعهما بالتالي في منافسة على المركزين الاساسيين مع الدوليين نصار نصار وحسن شعيتو «شبريكو» (وقّع على عقدٍ جديد معه لخمسة مواسم) على التوالي.

وإلى جانب إضافة حسن بيطار إلى خط الدفاع، علم الأنصار بمشكلته الأساسية في الموسم الماضي، وهي في منطقة خط الوسط، فكان استقدام التونسي حسام اللواتي وغازي حنيني من العهد وعلي حوراني من شباب الساحل والفلسطيني محمد قاسم من الصفاء. كذلك قدوم حسن شعيتو «موني» سيحلّ من المشكلة الأخرى التي عرفها الفريق وهي غياب الهداف الداعم للحاج مالك الذي وفي المباريات التي لم يوفّق فيها في التسجيل أو عرف رقابة لصيقة، عانى «الأخضر» كثيراً للوصول الى الشباك، علماً أن «موني» وبالتساوي مع نجم النجمة حسن معتوق، حلّ وصيفاً للسنغالي (15 هدفاً) على لائحة ترتيب الهدافين في الموسم الماضي بتسجيله 13 هدفاً بقميص فريقه السابق العهد.

سركيس يعود حكماوياً بحنين و«نوستالجيا»

15-08-2018   -   شربل كريم

عاد غسان سركيس إلى المكان الذي زيّنه بالمجد، إلى النادي الذي قاده «ثعلب التدريب» ليتربّع على عرش آسيا وجعله مدرباً تاريخياً في كرة السلة اللبنانية. هو يحمل اليوم مهمة أكبر من قيادة الفريق فنياً، وذلك في نادٍ يعيش أجواء غير طبيعية. سركيس يستذكر الماضي الجميل ويحنّ إليه ويتطلع إلى نسخ مشاهده وتظهيرها في صورةٍ أجمل. اشتاق إليها بلا شك محبو الحكمة

قبل نحو الشهر تقريباً كان بالإمكان لمس انقسامٍ كبير بين مشجعي فريق الحكمة لكرة السلة حول من يفترض أن يحمل «كرة النار» ويجلس في «المقعد الساخن» في الموسم الجديد. هو المقعد الذي بلا شك لا يرغب به أحد في ظل الظروف التي يمرّ بها الحكمة ولا يزال على المستويين الإداري والمالي، إذ بات العُرف في كرة السلة اللبنانيّة يقدي بأن المدرب الذي يملك إدارة قوية ومتمكّنة مالياً يستطيع النجاح وسط بحث أفضل اللاعبين عن العروض الأكبر بعيداً من الوفاء لأي فريق أو الارتباط به كما كان يحصل أيام بداية العصر الذهبي للعبة في لبنان.

وبين المدرب السابق فؤاد أبو شقرا ونظيره العائد غسان سركيس كان كل الكلام. البعض يتحدث عن عدم قدرة الأول على تقديم المزيد للفريق على اعتبار أنه لم ينجح في قيادته إلى لقب البطولة العصي عليه منذ 14 عاماً، وذلك رغم تأمين متطلباته خلال مواسم عدة بعيداً من الاضطرابات الدائمة التي مرّ بها النادي.

أما البعض الآخر فيصوّب على فشل الثاني في قيادة الشانفيل إلى لقب الموسم الماضي رغم تأمين ميزانية كبيرة له واستقدامه للنجم فادي الخطيب ولأسماء أجنبية رنانة أيضاً. كما يتحدثون عن عدم قدرة سركيس على تقديم أي جديد، وخصوصاً أن النادي اليوم هو في أسوأ حالاته المالية، وبالتالي سيصعب الأمر على المدرب المخضرم لترميم الفريق وتقديم شيء مقبول معه.

سركيس كان في مكانٍ آخر، وذهب حيث لا يجرؤ الآخرون بقبوله بـ «المهمة المستحيلة» في النادي الأخضر. هو أمر ليس بالمفاجئ لمن عايش هذا المدرب في بطولة لبنان، إذ كانت كلمة الحكمة غالباً على لسانه. هو اهتم لأمر النادي الذي عرف المجد معه، حتى في تلك الأيام التي عاش فيها جحيماً في كل زيارةٍ له مع فريقٍ منافس إلى ملعب غزير. ببساطة، حنينه إلى الماضي وإلى البدايات الجميلة وإلى تلك «النوستالجيا» المزيّنة بالموشحات التي تشيد باسمه لا التي تشتمه، أعادته إلى المكان الأحب إلى قلبه بحسب ما يقول مقرّبون منه.

العاطفة يمكن لمسها أصلاً في كلام الرجل العوني الهوى، فهو قال في حديثٍ إذاعي قبل أيام بأنه سيذهب إلى معراب لتقبيل «قَرعة سمير جعجع» في حال دعم الحكمة. إذاً هو شعر بمدى حاجة الحكمة إليه، وبمدى حاجة الحكمة لكل دعم، وبرأيه «كل من يدعم هذا النادي يكون قد قام بعملٍ وطني».

كلامٌ مؤثر فعلاً، ويحسب لإدارة النادي التي يصفها البعض بأنا تَحتضر، إقناعها سركيس بتولي المهمة في هذه الفترة الصعبة، فالمدرب الذي كان رمزاً في غزير في أواخر تسعينات القرن الماضي له تأثيره في مجالاتٍ عدة: في تأمين الدعم المالي، في الجمهور الذي يحنّ إلى أيام المجد، وفي عددٍ كبير من اللاعبين اللبنانيين الذين يمكنه إقناعهم بالتوقيع لفريقه دون سواه.

هو يعمل حالياً على جبهاتٍ عدة، إذ عاد للتواصل مع آل شويري وإيلي يحشوشي طالباً الدعم المالي لإيقاف الفريق مجدداً على قدميه، وهو ينتظر أجوبةً إيجابية من خلال مجموعة من الرعاة الذين تواصل معهم بنفسه، ويفترض أن تكون اسماؤهم على القميص الأخضر وحول الملعب حين الوصول إلى اتفاقٍ مع راعٍ أساسي للفريق.

بطبيعة الحال، هو يقف أمام التحدي الأصعب في مشواره التدريبي، إذ عملياً يضم الحكمة حالياً ثلاثة لاعبين فقط هم جو غطاس، صباح خوري، وعزيز عبد المسيح. ومن عند الأخير ينظر سركيس إلى مشهد الماضي عندما تسلّم فريقاً يضم لاعباً شاباً آخر هو الخطيب وعمل على تعزيز الفريق وبنائه وفق رؤيته الخاصة التي تمحورت في المواسم الأخيرة حول الاعتماد كثيراً على لاعبين صغار السنّ ومطعّمين بعناصر الخبرة، فيرى في كارل عاصي الذي لعب تحت إشرافه في الشانفيل مناسباً للحكمة، تماماً كما هو حال كرم مشرف.

ولم لا إيجاد تسوية مع إيلي اسطفان ورودريك عقل بخصوص الأموال العالقة لهما في النادي وإعادتهما إليه، وكذا بالنسبة إلى روني فهد في حال لم يجدّد ارتباطه بنادي بيروت، إذ إن إضافة لاعبين أصحاب خبرة إلى مجموعة شابة ستشكّل أيضاً تحديّاً لإيجاد توازنٍ بين جيلين، في وقتٍ لم ترتبط فيه الإدارة مع أي لاعبٍ جديد حتى الآن بانتظار تأمين التمويل وتحديد الميزانية قبل الشروع بالعمل.

مشهد الماضي لا يبدو أنه يفارقه، فإذا وُجد لبنانيون بعقودٍ مقبولة، الأمر لا ينطبق على العنصر الاجنبي، لكن لا بالنسبة إلى سركيس الذي يستشهد بتجربته القديمة الناجحة، وذلك عندما استقدم السنغالي أسان ندياي والنيجيري الراحل محمد آشا، ليتوّج الحكمة ملكاً على العرب عام 1998 ثم في 1998، وهي السنة التي شهدت تربّعه على عرش آسيا أيضاً للمرة الأولى في تاريخ كرة السلة اللبنانية. لذا لا يمانع استقدام ثلاثة لاعبين أفارقة بأسعار مقبولة وتحقيق المفاجأة كما فعل قبل 20 عاماً.

سنوات طويلة لم تنهِ قصة مدربٍ يعشق التحديات ويقابلها بابتسامة وتفاؤل وثقة يستمدها من تاريخٍ كتبه في ملاعب كرة السلة ولا ينسى أي تفصيلٍ عاشه فيها، فهو حتى يطلب عودة قائد الأوركسترا الشهير بشير هيكل «باشو» ليرافقه في الموسم الجديد، آملاً أن يعزف نشيد النصر القديم ولا شيء سواه.

العودة إلى قانون «2+1»

«المصلحة الوطنية» تنتصر على الجشع

رياضة محلية تايم آوت شربل كريّم الأحد 29 تموز 2018

«المصلحة الوطنية» تنتصر على الجشع
عادت بطولة لبنان لكرة السلة إلى صورتها السابقة مع إقرار اعتماد لاعبَين أجنبيين اثنين على أرض الملعب، وهو قرار ربما يكون أفضل ما اتخذه الاتحاد اللبناني الحالي منذ انتخاب لجنته الإدارية. سلّة من الفوائد الإيجابية للعبة وسلبيات قليلة برأي الكثير من الخبراء والمتابعين

«اللعبة عادت لأبنائها، والبطولة عادت لبنانية». بهذه الكلمات علّق مدرب معروف بفرحة على قرار الاتحاد اللبناني لكرة السلة بالعودة للاعتماد على اجنبيَين اثنين على أرض الملعب، إلى أجنبي ثالث احتياطي، ابتداء من الموسم الجديد الذي ينطلق في تشرين الأول المقبل. قرارٌ قاتَل من أجله كثيرون، إذ منذ اللحظة التي أُقرّ فيها اعتماد ثلاثة لاعبين أجانب على أرض الملعب، حاول اللاعبون المحليون المقاومة، لكنهم ما لبثوا أن رضخوا لأنديتهم، وعمل كل واحدٍ منهم بعدها بشكلٍ فردي على حماية مصالحه الخاصة.

سارت البطولة بعدها وسط أصوات علت من هنا وهناك ضد هذا القرار، لكن ما لبث أن أصبح المشهد عادياً فغزا الأجانب بالجملة الملاعب اللبنانية، وشكّل بعضهم حالات إيجابية والبعض الآخر كان عبارة عن صفقة خاسرة بكل ما للكلمة من معنى.
الاتحاد اللبناني لوّح بالوطنية طوال الفترة الأخيرة، فعاد إلى تحريك موضوع الأجانب انطلاقاً من خدمة للمصلحة العامة المتمثّلة بالمنتخب الوطني. لكن مشككين في نوايا الاتحاد ذهبوا إلى القول إن القرار السابق الخاص بالأجانب الثلاثة حقق هدفه ألا وهو انتزاع اللقب من الرياضي، وهذا ما حصل مع فوز هومنتمن بالنسخة الأخيرة.

لكن بغض النظر عن هذا الرأي أو ذاك، يترك القرار الجديد ارتياحاً لمحبي كرة السلة بحسب هويتها اللبنانية التقليدية، إذ بات معروفاً أن غالبية اللاعبين اللبنانيين تحوّلوا إلى «كومبارس» في فرقهم حيث مهمتهم هي فقط إكمال العدد المطلوب على أرض الملعب بحسب ما وصف أحد اللاعبين الدوليين حاله مع زملائه في الموسم الماضي، في ظل تبديل فريقهم أكثر من 10 لاعبين أجانب.

نجمٌ سابقٌ في الحكمة فضّل عدم الكشف عن اسمه في حديثه مع «الأخبار»، وصف الوضع السابق بالمخجل بحق كل لاعب لبناني، فيعود إلى أيام دورة دبي الدولية التي شارك فيها مع «فريق تيريل ستوغلين» بحسب ما يقول. هو أعطى هذا التوصيف لفريق الحكمة ليعكس صورة عمّا كان يحصل على أرض الملعب، فيشرح آسفاً:

 «كانت المهمة الوحيدة للاعبين اللبنانيين هي البحث عن ستوغلين لتمرير الكرة إليه، أو تدوير الكرة لتفريغه بشكلٍ يمكنه التسديد براحة تامة». ويتابع: «طبعاً كان زميلنا الأميركي هدافاً مميزاً، لكن تخيّل أنه في إحدى المباريات أخذ على عاتقه 72% من نسبة محاولات الفريق، ولم يكن موفقاً إلا بنسبة 20%، ما أدى إلى خسارتنا للمباراة».

دعمٌ مفقود وأحزابٌ لا تكترث: أندية «بيروت الشرقية» في مهب الرياح

رياضة محلية الكرة اللبنانية شربل كريّم الثلاثاء 17 تموز 2018
صحيح أن ناديي الحكمة والراسينغ بيروتيان لكن قاعدتهما الجماهيرية تنحصر في «المنطقة المسيحية»

تفتح الأزمة التي يمرّ بها نادي الراسينغ حالياً الباب للكلام عن وضعٍ مأسوي قد يصل إليه هذا النادي الكبير، ليلاقي مصائر جيرانه الذين إما يتخبطون بمشاكلهم أو اختفوا حتى من الوجود. «القسم الشرقي» للعاصمة يتجه إلى الفراغ الرياضي بسبب الانهيارات المتتالية للأندية العريقة

الحاضر غير الماضي، والمستقبل أسوأ بكثير. بهذه الكلمات يمكن وصف الوضع الراهن لعددٍ من الأندية البيروتية التي كانت حتى الأمس القريب من أبرز أركان الرياضة اللبنانية، وأمثولة في تحقيق النجاحات والنتائج المميزة محلياً وخارجياً. والحديث هنا تحديداً عن مجموعة من الأندية في القسم الشرقي من بيروت أو ما يُعرف بـ «الأندية المسيحية»، إذ لا يخفى أن اندية عدة وُجدت أصلاً من قلب مطرانيات أو مرجعيات روحية، فأخذت التسمية من خلال هذا الارتباط بعيداً من وجودها المناطقي.

والتسمية هنا لا تتخذ طابعاً طائفياً، بل طابعاً وصفياً صرفاً. في أية حال هذه الأندية وصلت إلى وضعٍ ميؤوس منه. تساقطت بفعل السنين من شجرة الرياضة المحلية كتساقط أوراق الخريف. نتحدث عن أندية ساهمت على نحوٍ كبير في صناعة سمعة كرة القدم وكرة السلة، فأين الأهلي صربا في الأولى، وأين أبناء نبتون في الثانية، وغيرهما من الأندية التي شكّلت حجراً أساسياً في بناء اللعبتين؟
مع الزمن اختفى عددٌ كبير من الأندية في الشطر الشرقي، واستمر الأمر حتى يومنا هذا في كرة القدم تحديداً. الحكمة هبط إلى الدرجة الثانية ولم يعد، والفريقان «الأرمنيان» هومنتمن وهومنمن كادا يختفيان كليّاً من الوجود، فبقي السلام زغرتا البعيد شمالاً، والراسينغ كمملثين لهذا الشارع ــ إن كنّا نريد أن نتحدث بلغة المجتمع اللبناني من دون أن يعني ذلك قبولنا بها ــ في كرة القدم.
اليوم مع الأزمة التي يعيشها الراسينغ الذي يُعدّ أحد أعرق الفرق اللبنانية، تبدو الأمور سائرة نحو الأسوأ، خصوصاً أن «سندباد الكرة اللبنانية» الذي خطّ صولات وجولات خارجية وكان دائماً ندّاً عنيداً لأقوى الفرق المحلية، بات وجوده مهدداً، لا بالبقاء في الأولى بل بشكلٍ عام.

دور الأحزاب الغائبة
عندما قرر النائب السابق ميشال فرعون إعادة النظر في ما يدفعه سنوياً دعماً لنادي الراسينغ لم تستغرب أدارة الأخير. مصادر الإدارة تؤكد أن لا علاقة لنتائج الانتخابات بهذه الخطوة، وتستشهد بما مرّ به النادي خلال الموسم الماضي حيث كان قريباً من الانسحاب من مباراته أمام العهد اعتراضاً على مكان إقامتها.
تنقسم مشاكل الأندية بين غياب الدعم وصراعاتها الداخلية وتجاهل الأحزاب لها

أمين صندوق الراسينغ جورج حنا يدافع عن فرعون ولا يلومه، فيقول: «فرعون حمل النادي على أكتافه لمدة 15 عاماً، ويحق له بالتالي القيام بدراسة شاملة لوضع اللعبة بالتنسيق مع الهيئة الإدارية، وذلك بعد «وجع الرأس» الذي عايشه وما مرّ الراسينغ به. هي خطوة غير مستغربة بالنسبة إلينا، إذ إن الوضع العام لكرة القدم لا يشجّع على المضي قدماً في أيّ مشروع». ويصوّب حنا على نقطةٍ يمكن لمسها في العديد من الأندية المحسوبة على زعماء مسيحيين، بالمعنى اللبناني للكلمة، وهي أن الداعم الأساسي للنادي سواء كان سياسياً أم رجل أعمال لا يلقى أيّ دعمٍ من الأحزاب التي تمثّل المسيحيين تقليدياً، بعكس ما هو الحال عليه في أندية أخرى، أقله لجهة تأمين جهات داعمة إضافية تخفّف من الحمل الثقيل على «راعي النادي» الأوحد.

وبلغةٍ لبنانية أيضاً، يشرح حنا متسائلاً: «تتوجه عند الأحزاب المسيحية فتجد أن الرياضة لا تهمها بل المكاسب السياسية فقط، فيكون الجواب غالباً: اللعبة ليست لنا. لكن ماذا يعني هذا الكلام؟ نحن جزء لا يتجزأ من تاريخ كرة القدم في البلاد، ومن غير المقبول ألّا نحظى بالدعم نفسه كما تحظى به أندية أخرى من أحزابٍ سياسية». الواقع أن «الأندية المسيحية» مظلومة على هذا الصعيد إذا ما أخذنا أندية أخرى في لبنان تحظى برعاية الأحزاب، ولو أن هذه الرعاية قد لا تكون مادية. وعلى سبيل المثال لا الحصر ناديا النجمة والأنصار، إذ معلوم مدى تأثير «تيار المستقبل» في حاضرهما، وذلك من خلال تأمين مموّل لهما، فمن دون مباركة التيار لم يكن نبيل بدر رئيساً للأخضر ولا أسعد صقال رئيساً للنبيذي. وإن كان كثيرون يعتقدون أن «تطييف» اللعبة ليس في مصلحتها ولا يؤدي إلا إلى التخريب.

موالاة ومعارضة
وإذا سلّمنا جدلاً بأن الأحزاب المسيحية لا تلعب أي دورٍ إيجابي على هذا الصعيد وهي تهتم ربما بالأندية الرياضية قبل الانتخابات لا بعدها، فإن بعض الأندية تشبه هذه الاحزاب من خلال التجاذبات والانقسامات الداخلية، فتظهر حالات لا توجد في أندية أخرى، فهناك في الراسينغ «موالاة ومعارضة»، وفي الحكمة الأمر عينه، ما يؤثر في عملية الاستقرار التي هرّبت مستثمرين ورعاة وداعمين وحتى محبّين إذا ما اخذنا النادي الأخضر كمثلٍ، وهو الذي لا يزال يتخبّط إدارياً ومالياً ولا يبدو أنه سيخرج من دوامة الأزمة قريباً. الحكمة أصلاً لم يعد يكترث لكرة القدم، تماماً كما هو الأمر في هومنتمن، إذ ذهب الناديان إلى ميادين كرة السلة التي تكلّف فرقها أضعاف فرق لعبة الملاعب الخضراء.

البعض يقول إن الطمع بالأضواء وحبّ الظهور هو السبب الرئيسي وراء هذه الخطوة، لكن مصدراً رفض الكشف عن اسمه يعيد الأسباب إلى أن «صيت لعبة كرة القدم لا يساعد الأندية في جلب رعاة وخصوصاً في المنطقة التي ينتشر فيها جمهور الفريقين تاريخياً، ما لم يشجعها على مواصلة السير على درب التقليد القديم والبقاء فيها، فالفرق السلوية البارزة حالياً خرجت من رحم أندية كانت كرة القدم السبب في نشأتها. ويستشهد المصدر بتجربة أنطوان شويري الذي قَدِم إلى نادي الحكمة في تسعينيات القرن الماضي حاملاً أحلاماً كبيرة منها الفوز باللقبين العربي والآسيوي، «لكن تمّت محاربته فهجر اللعبة إلى كرة السلة حيث حصل على مراده».

ويبدو مستغرباً هنا الكلام عن صيت كرة القدم، فهناك أندية همّشتها داخلياً لكنها الآن جزء من إدارتها على غرار هومنتمن الذي ينضوي تحت لواء «حزب الطاشناق» المُمثّل بعضو في اللجنة التنفيذية للاتحاد، فإذا كانت اللعبة غير صالحة، يُطرح سؤال هنا حول سبب الانغماس في إدارتها.
مشكلة البلديات والملاعب
وتضاف إلى هذه المشاكل مشكلة أخرى وهي اختفاء الملاعب من المناطق عموماً، ومن المناطق التي توجد فيها القاعدة الشعبية الأساسية للحكمة والراسينغ، ما قلّص من حجم اكتشاف لاعبين جدد واستقطاب جمهور هذه الأندية، الأمر الذي أثّر على نتائجها الفنية، وبالتالي على إمكانية حصولها على عقود رعاية تكفيها لسدّ ميزانياتها الموسمية، إذ صحيح أن ناديي الحكمة والراسينغ بيروتيان لكن قاعدتهما الجماهيرية تنحصر في «المنطقة المسيحية»، حيث يبدو الملعب الصالح لاستضافة المباريات والأقرب إلى مقرهما (الأشرفية) في هذا الجزء من البلاد ملعب مجمع السلام زغرتا الرياضي في المرداشية!

ملعب برج حمود مقفل بوجه هذه الأندية بقرار من البلدية بحسب مصادرها ومن دون أسباب واضحة، بينما ابتعد ملعب مجمع فؤاد شهاب الرياضي في جونية عن استضافة المباريات منذ زمنٍ بسبب أرضيته غير الصالحة، والتي يتم حالياً العمل على فرشها بالعشب الاصطناعي، ما يعطي بارقة أمل في نفقٍ مظلم على هذا الصعيد.

أين المنشآت الرياضية من خطط لجان الرياضة في الأحزاب التي «طوشت» رؤوس الناس بما تسميه «حقوق المسيحيين» وتمثيل المسيحيين؟ سؤال يطرحه أكثر من مصدرٍ مواكب لما يسمّونه مآسي «أندية المنطقة»، حيث يشيرون بأصابع الاتهام إلى لجان الرياضة في هذه الأحزاب والتي بحسب رأيهم «لا تؤثر في قرارات النواب أو الوزراء التابعين لأحزابهم للدفع نحو عملية إنماء على صعيد البنى التحتية الرياضية بل إنها تعمل بأسلوب الأحزاب لناحية اكتفائها بالدخول في صراعات المحاصصة وكسب المناصب في هذا الاتحاد أو
ذاك».
اذاً مأساة حقيقية قد تصيب المزيد من «الأندية المسيحية» الماضية حالياً من دون معرفة مصيرها أو ما سيخبئ لها الغد، لكن حتى يومنا هذا تبقى المعضلة نفسها والحلول غائبة، والمستقبل مجهول. أما المأساة الأكبر، فهو اضطرار اللبنانيين إلى الحديث حتى يومنا هذا بلغة «المسلمين والمسيحيين»، حتى عندما يتحدثون عن كرة القدم أو عن البرغل، أو أي شيء آخر.

خلال مؤتمر صحافي توجه فيه للرأي العام اللبناني والرياضي
همام وصف قرار محكمة التحكيم الدولي بالمشرف للبنان
حيال صوابية تشكيل البعثة لاولمبياد بيونغ تشانغ

24 شباط 2018  الديار
وضع رئيس اللحنة الاولمبية اللبنانية جان همام الرأي العام اللبناني والرياضي خصوصاً في صورة التطورات التي رافقت تشكيل البعثة اللبنانية الى دورة الالعاب الاولمبية الشتوية (بيونغ تشانغ 2018) وتحديداً ما يتعلق بقضية اللاعب جيفري زينا وذلك خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته اللجنة الاولمبية ظهر أمس في مقرها بمنطقة بعبدا.

المؤتمر الذي خصص للاضاءة على هذه القضية والاعلان عن تنظيم اللجنة لسباق ترويجي لدورة الالعاب الآسيوية الـ 18 (جاكرتا 2018) حضره حشد من الشخصيات والمدعوين تقدمهم اللواء سهيل خوري عضو المجلس الاولمبي الآسيوي ووفد المجلس المذكور ضم وسام تركماني من مكتب رئيس المجلس الشيخ احمد الفهد الصباح والمدير الاعلامي في المجلس جينز جيان وعضو مكتب العلاقات العامة ايلينا شاراكوفا وممثل السفارة الاندونيسية عماد يسري ورئيسة الاتحاد اللبناني للجمباز نادرة فواز وعضو اتحاد التزلج على الثلج لورا نصارالى اعضاء اللجنة التنفيذية نائبي الرئيس المحامي فرانسوا سعادة والمهندس عزة قريطم والمحاسب سليم الحاج نقولا وعضو اللجنة ايلي سعادة وممثلي وسائل اعلامية.

النشيد الوطني اللبناني ثم الاولمبي وترحيب من المستشار الاعلامي للجنة الزميل حسان محيي الدين ثم تكلم رئيس اللجنة الاولمبية جان همام حيث لفت أنه وللمرة الثانية نلتقي تحت عنوان المشاركة اللبنانية في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية ( بيونغ تشانغ 2018 ) خصوصاً بعد مجريات الأحداث المتعلّقة بهذه المشاركة وانه واجب علينا كلجنة أولمبية الإضاءة على هذه القضية حيث أن هناك في مكان ما عمد البعض إلى التشكيك بمصداقية اللجنة الأولمبية اللبنانية وقراراتها المتخذة على قاعدة القوانين والضمير الحي علماً بأن اللجنة الأولمبية ما كانت يوماً إلاّ إلى جانب كل رياضي عمل بجهد وكفاءة والمساعدة في مجال تصنيفه خصوصاً من الذين يتحضّرون للتأهّل ووفّرت له الدعم المالي من صندوقها إلى جانب المساعدات المقدّمة من صندوق التضامن الأولمبي الدولي وأكملت هذا الدعم حتى من بعد التأهل وكل ذلك من ضمن السياسة العامة التي إلتزمت بها اللجنة الأولمبية اللبنانية ومنذ 5 سنوات.

وأوضح أنه للتاريخ وبالرغم من كل الضغوطات التي واجهتنا رئيساً وأعضاء في اللجنة الأولمبية من قبل أصدقاء وأحبّة لهم مكانتهم من الإحترام في الأوساط السياسية والإقتصادية والمالية والذين نعتذر منهم فرداً فرداً عن عدم تلبية طلبهم فقد تمسّكت اللجنة بإحقاق العدالة وتسمية صاحب الحق لتمثيل لبنان في الألعاب الأولمبية الشتوية (بيونغ تشانغ -2018 ).
وأكد أن اللاعب جيفري زينا استعمل حقّه في مراجعة محكمة التحكيم الرياضي الدولي (CA) وهي المرجع الصالح للخلافات الرياضية والمنشأة تحت القانون السويسري والتي أقامت مكتباً لها في (بيونغ تشانغ) لمتابعة أي إعتراضات ضمن الألعاب المذكورة وهذا حق لكل جهة تعتبر نفسها متضررة من أي قرار رياضي مع العلم أنّنا كنّا حذّرنا من تدخل القضاء المدني اللبناني بعد القرار الذي اتخذه القاضي الرئيس إلياس صلاح مخيبر بعد مراجعة المستدعي بأمر على عريضة رقم 60 / 2018 والقاضي بتختيم محاضر إجتماعات اللجنة الأولمبية اللبنانية لعام 2018 بعبارة «كي لا يبدّل» وذلك لإن مثل هذا التدخل المخالف للشرعة الأولمبية قد يعرّض الرياضة اللبنانية إلى التوقيف من قبل اللجنة الأولمبية الدولية والإتحادات الدولية.
وبالعودة إلى محكمة التحكيم الرياضي الدولي (CAS)، فقد أشار همام الى انها عقدت جلسة إستماع لها يوم الأربعاء 14 شباط 2018 عند الساعة 8.00 صباحاً في بيونغ تشانغ، إستمّرت على مدى 4 ساعات وقد أدلى في خلالها محامي اللاعب جيفري زينا بمطالعته ومطالبه وردّت اللجنة الأولمبية اللبنانية بالوثائق والمستندات مع الإشارة إلى أن المحكمة كانت مؤلفة من 3 محكمين إثنان من الجنسية الألمانية والثالثة من فيتنام وهم من القضاة المخضرمين والمشهود لهم بالنزاهة والشفافية.
وأضاف الى أنه وبعد أقل من 3 ساعات على إنتهاء هذه الجلسة تبلّغت اللجنة الأولمبية اللبنانية بقرار المحكمة رفض طلب اللاعب زينا وتثبيت قرار اللجنة الأولمبية اللبنانية بإعطاء البطاقة الوحيدة في لعبة التزّلج الألبي إلى اللاعب آلان بحلق.
ولفت همام بإنّ الهدف من المؤتمر الصحفي في شقّه هذا هو الإضاءة على كل الأحداث التي حصلت على هذا الصعيد من أجل وضع الأمور في نصابها الصحيح ونقول للرأي العام اللبناني والوسط الرياضي خصوصاً أن قرار محكمة التحكيم الرياضي الدولي هو قرّار مشرّف للرياضة اللبنانية ومؤسساتها الأهلية العاملة وفي مقدّمها اللجنة الأولمبية اللبنانية.
وختم بان هذه القضية ومن خلال الإعلان عن حيثياتها من قبل محكمة التحكيم الرياضي الدولي عبر موقعها الإلكتروني إلى الرأي العام الرياضي الدولي فإنها سوف تعكس الصورة الحضارية لعمل اللجنة الأولمبية اللبنانية الإحترافي وعليه فإنّنا ملتزمون دائماً وأبداً بإحقاق الحق وقيادة الرياضة اللبنانية بكل نزاهة وشفافيّة.
بعد كلمته ردّ همام على أسئلة الصحفيين موضحاً بان اللجنة الاولمبية قامت بواجبها كاملاً وبما تقتضيه الأسس والقوانين وان كل مخالفة لهذه القوانين كانت ستعرّض لبنان للتوقيف من قبل اللجنة الاولمبية الدولية والاتحادات الدولية.
بعد ذلك كانت كلمة الامين العام للجنة العميد المتقاعد حسان رستم أشار فيها الى السباق الترويجي لدورة الالعاب الآسيوية الـ 18 (جاكرتا 2018) والتي تقام خلال الفترة من 8 آب ولغاية 2 أيلول حيث سيقام السباق غدا الاحد على كورنيش المنارة ابتداء من الساعة 8.30 صباحاً حيث سيكون تجمع المشاركين في الباحة مقابل مدخل ملعب النادي الرياضي بيروت والركض لمسافة 2 كلم باتجاه مسبح الجامعة الاميركية ومن ثم العودة الى نقطة الانطلاق.
وأوضح أن الدول في القارة الاسيوية وبناءاً لطلب المجلس الاولمبي الآسيوي بدأت تنظيم سباقات للمرح للترويج لهذه الالعاب الاسيوية وقد نظمت كل من دبي - قطر - البحرين سباقاتها على هذا الصعيد وأنه في الاشهر المقبلة حتى حزيران سيقام مثل هذا السباق في كل من: سيريلانكا - ماليزيا - فيتنام - كمبوديا - تشاينيز تايبيه - ماكاو - بوتان- نيبال - كازاخستان - طاجكستان - كوريا الجنوبية - منغوليا - الصين- اليابان- كوريا الشمالية - سنغافورة - ايران - الهند - تيمور الشرقية، واخيراً في جاكرتا خلال شهر حزيران حيث يبدأ العد العكسي لانطلاق فعاليات الدورة.
وختم بتوجيه الشكر الى المؤسسات التي دعمت تنظيم هذا السباق من المؤسسات العسكرية والامنية واتحاد العاب القوى ووحدة الانشطة الرياضية والكشفية في وزارة التربية والتعليم العالي وفوجي الاطفاء وحرس مدينة بيروت والنادي الرياضي والصليب الاحمر والاتحادات والاندية والمجلس الاولمبي الآسيوي.
ثم كانت كلمات في المناسبة لوفد المجلس الاولمبي الآسيوي تمحورت حول هدف وأهمية السباق فيما القى كلمة رئيس المجلس الشيخ أحمد الفهد الصباح عضو المكتب التنفيذي للمجلس اللواء سهيل خوري حيث اعتبر ان الالعاب الآسيوية تعزز روح المرح والصداقة في جميع انحاء القارة وان سباق المرح يعزز الصداقة بين المشاركين فيه ويترك ذكريات دائمة ويتيح للجميع بان يشعر انه جزء من دورة الالعاب الآسيوية.
وتوجه اللواء خوري بالتهنئة لرئيس اللجنة الاولمبية جان همام ولاعضاء اللجنة على القرار الذي صدر عن محكمة التحكيم الرياضي الدولي وهو جاء ليدحض كل المزاعم التي كان بعضهم ينشرها في عدة مناسبات حول مصداقية عمل اللجنة الاولمبية وصحة القرارات الصادرة عنها.
وتكلم المهندس عزة قريطم رئيس لجنة الرياضة للجميع واليوم الاولمبي حيث كشف بان اللواء سهيل خوري كان صاحب فكرة تنظيم سباق مرح ترويجي لدورة الالعاب الآسيوية يوم كان رئيساً للجنة الرياضة للجميع في المجلس الاولمبي الآسيوي وله يعود الفضل في تنظيم هذا السباق في غالبية دول القارة .
ثم أشار الى النواحي اللوجستية المتعلقة بالسباق حيث تم تخصيص شهادات مشاركة لكل المشاركين في السباق وستمنح 5 ميداليات لاصحاب المراكز الاولى في فئة الناشئين .
وفي الختام أقيم كوكتيل بالمناسبة.

مشكلة أولمبية شتوية على نار حامية

31-01-2018 الاخبار

مرة جديدة، تخلق التسميات إلى الألعاب الأولمبية جدالاً واسعاً في الشارع الرياضي اللبناني. وبعدما عرفت الرياضة اللبنانية هذا الأمر سابقاً عشية إحدى دورات الألعاب الصيفية، ها هي الألعاب الشتوية المرتقبة تكشف عن مشكلة مشابهة، وسط تضارب التفسيرات والآراء

شربل كريم
برز في تعميم الاتحاد اللبناني للتزلج على الثلج أمس إقراره بالإجماع الادعاء لدى المراجع القضائية المختصة على كل شخص يقوم بالتشهير بحق الاتحاد، أكان على مواقع التواصل الاجتماعي أم في وسائل الإعلام. هذا القرار جاء بعد ما وصفه الاتحاد بحملة افتراء يتعرّض لها حول موضوع كيفية اقتراح الأسماء للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي ستقام الشهر المقبل في كوريا الجنوبية.

الأمر الواضح أن السبب وراء هذا الكلام الاتحادي الحادّ كان التسمية الخاصة بالرجال، والكلام حول من يستحق فعلاً الذهاب الى بيونغ تشانغ، بعدما كانت اللجنة الأولمبية اللبنانية قد سمّت ألن بحلق، في وقتٍ اعتبر فيه جيفري زينة رحمة أنه الأحق بالتسمية.
الأخير كان قد رفع الصوت منذ فترة متصلاً حتى بالاتحاد الدولي، ومعتبراً أنه الأحق بالحصول على بطاقة التمثيل الممنوحة للاتحاد اللبناني من قبل اللجنة الأولمبية الدولية، والتي كانت قد ذهبت الى بحلق، بينما سُمّيت وصيفة بطلة لبنان ناتاشا مخباط لتمثيل السيدات بعد اعتذار بطلة لبنان جاكي شمعون عن عدم المشاركة لأسباب خاصة.

علمت «الأخبار» أن صدى التجاذب وصل إلى مرجعيات معروفة في البلاد

رحمة، وفي اتصالٍ مع «الأخبار» من العاصمة البريطانية لندن حيث يتابع دراسته، قال إن "اختيار اللاعبين للمشاركة في الألعاب يتم على أساس نقاط محتسبة من قبل الاتحاد الدولي للتزلج يحصل عليها اللاعب في بطولات معترف بها من قبل الاتحاد الدولي، وهذه النقاط معروفة بمسمى "FIS Points"، وموجودة على موقع الاتحاد الدولي ويتم الارتكاز عليها لتصنيف ترتيب اللاعبين.
وأضاف: "في اللائحة الصادرة في 22 الشهر الحالي، احتل المرتبة الأولى في الترتيب الدولي بين المصنفين اللبنانيين بفارق 875 مركزاً بينياً وبين ثاني أفضل لبناني في هذا التصنيف أي بحلق".
متابعة الأرقام المسجّلة في عددٍ من المسابقات الدولية تظهر تفوّقاً واضحاً لرحمة في جوانب عدة على بقية منافسيه المصنّفين، لكن رئيس الاتحاد اللبناني شربل سلامة قال في اتصالٍ مع "الأخبار" من ألمانيا إن اتحاده وضع معايير معيّنة لتوصية اللجنة الأولمبية اللبنانية بالأسماء المصنّفة والمخوّلة لتمثيل لبنان في الأولمبياد، فأوضح: "منذ سنة، أرسلنا الى كل الأندية كتاباً واضحاً نفيد فيه بأننا سنعتمد في تصنيفنا على الثلاثة الأوائل في بطولة لبنان، والتي حلّ فيها جيفري خامساً بعد مشاركته في 11 سباقاً، بينما جاء بحلق في المركز الأول، يليه نعيم فنيانوس وداني شمعون على التوالي".
ويتهم رحمة الاتحاد اللبناني بعدم الوضوح في هذه القضية، وخصوصاً بعد مراسلته الاتحاد الدولي بخصوص ما حصل معه، وحصوله على ردّ من الأمينة العامة سارة لويس التي تشير الى القوانين المتبعة التي تعترف بالـ "FIS Points" كمرجع للتصنيف، لكنها في الوقت نفسه تعطي جواباً محيّراً بأن القرار يعود للجنة الأولمبية المحلية، وسط إشارتها الى أن الدول المتقدّمة في عالم التزلج تعتمد على الـ"FIS Points" وفق ترتيب بطولة العالم.
وهنا يقول بأنه لتعويض الإصابة التي عرقلت مشواره في بطولة لبنان، ذهب الى المشاركة في بطولات عالمية وكسب تصنيفه بمجهودٍ كبير، ما يؤهله للمشاركة "التي انتظرتها بعد فوزي ببطولة لبنان في 2015 و2016". واضاف: "كل هذا المجهود غير السهل الذي قمت به كان لرفع مستواي من أجل تمثيل لبنان بأفضل شكل ممكن".

في المقابل، يردّ سلامة بأن بحلق كان قد توقّف عن المشاركة دولياً بعد جمعه العدد المطلوب من النقاط التي تمنحه التصنيف، "وهذا هو السبب في الفارق بالأرقام بين المتزلجَين". ويتابع: "سبق أن اخترنا رحمة للمشاركة معنا في SEF Cup" المخصص للدول الصغرى، وهو دليل على اعتبارنا أنه من المتزلجين المميزين لدينا، لكنه لم يلتحق بالفريق اللبناني".
إذاً، تتضارب التفسيرات للقوانين وتتعدد الآراء، لكن يبدو أن صفحة هذه المسألة لن تطوى قريباً، وخصوصاً بعدما علمت "الأخبار" أن صداها وصل الى مرجعيات معروفة في البلاد.

التجنيس لغم جديد على باب الاتحاد وكأس آسيا 2017

25-07-2017

كتب الزميل شربل كريم في جريدة "الأخبار" اللبنانية صباح الثلثاء 25 تموز تحت عنوان " التجنيس لغم جديد على باب الاتحاد وكأس آسيا" ما ياتي:
فتحت مشكلة عدم تمكن المجنّسة الأميركية شانيتا جوردان من اللعب مع منتخب لبنان للسيدات في بطولة آسيا المقامة حالياً في الهند، على مشكلة أكبر، تتمحور حول مصير تجنيس الاميركي نورفيل بيل الذي يبدو حاجة لا غنى عنها في كأس آسيا للرجال.

هل هو خطأ اتحادي أم محاولة تفادي خطأ أكبر؟ هذا هو السؤال الذي طُرح على نطاقٍ واسع في أوساط كرة السلة اللبنانية بعدما استبعدت اللاعبة الاميركية المجنّسة شانيتا جوردان عن المشاركة مع منتخب لبنان للسيدات في بطولة آسيا التي تستضيفها الهند، بسبب ما قيل عن وجود طلبات إضافية من الاتحاد الآسيوي بخصوص المستندات التي تخصّ عملية تجنيسها.
هذه المسألة تفتح الباب على الحديث عن مسألتين: الاولى تخص الاتحاد نفسه، إذ إما انه كان مدركاً لما سيطلبه الاتحاد الآسيوي ولم يستطع تأمينه، وإما لم يعلم الشروط المطلوبة فوقع في المحظور، وهنا المصيبة الاكبر.

أما المسألة الثانية التي لا يمكن عدم استذكارها فهي تلك الفضيحة المتعددة الحلقات والمختلفة البصمات، وترتبط بعملية التزوير التي ضجّت بها الأوساط الرياضية قبل أشهر قليلة، عندما تبيّن أن السوداني آتر ماجوك لعب في بطولة غرب آسيا بإخراج قيد مزوّر، قبل أن تتم لفلفلة الموضوع كونه كان سيطال عدداً كبيراً من الاداريين الذين تعاقبوا على الجلوس على طاولة الاتحاد، اضافةً الى أن توقيته كان في فترةٍ لا تخدم لبنان الذي يستعد ليعكس صورة مغايرة عنه أمام الرأي العام السلوي عبر استضافته لكأس آسيا.

المهم أن قصة إخراج القيد أو الهوية لا تزال حاضرة بقوة، وهذا ما غيّب جوردان أمس عن المباراة الثانية لسيدات لبنان امام منتخب فيجي؛ فالاتحاد الآسيوي لم يسمح للاميركية المجنّسة باللعب بسبب النقص في مستنداتها، إذ لم يكفه جواز السفر اللبناني الذي حصلت عليه لإعطائها الضوء الاخضر للمشاركة.

خسر لبنان مباراته الاولى امام كازاخستان (54-62) رغم أنه كان قادراً على الفوز بها لو لعبت جوردان، ثم فاز في الثانية امس على فيجي (90-48). لكن هذه المسألة لم تعد الحدث، إذ إن جمهور كرة السلة يضع يده على قلبه في انتظار ردّ الاتحاد الآسيوي حول الملف الذي قدّمه الاتحاد اللبناني لقبول الاميركي نورفيل بيل كمجنّس في كأس آسيا، وخصوصاً ان آلية تجنيسه لا تختلف عن تلك التي ذُكر فيها اسم مواطنته، علماً بأن اسم بيل أُرسل متأخراً، حيث كانت هناك نية للتعاقد مع لاعب ارتكاز الرياضي السابق الاميركي إيليا هولمان أو مواطنه عملاق ميروبا في الموسم الماضي روبرت أبشو، قبل ان يستقر القرار على بيل الذي برز مع هومنتمن في الموسم قبل الماضي.

وبما أنه لم يصدر أي شيء رسمي عن الاتحاد بخصوص قضية شانيتا جوردان، اتصلت "الأخبار" برئيس لجنة المنتخبات ياسر الحاج الذي اكد طلب الاتحاد الآسيوي لمستندات اضافية في ما خصّ اللاعبة، لكنه لم يفصح عن اي معلومات في ما يرتبط ببيل، مكتفياً بالقول إن الاتحاد يعمل على هذه المسألة وهو متأمل خيراً.

إلا أن معلومات خاصة أفادت بأن مشكلة الاتحاد الآن ليست في دفع كامل عقد جوردان رغم انها لم تلعب (راتبها الشهري يتراوح بين 8 و10 آلاف دولار، علماً بأن الاتحاد دفع 12 الف دولار لبريتاني دانسون ثم عجز عن تجنيسها بسبب لعبها في إسرائيل سابقاً)، ما يعني أن ما دُفع لها سيذهب هدراً، بل في حسم مسألة تجنيس بيل التي تقف عند ملفين شائكين.
الملف الاول هو كيفية استصدار إخراج قيد أو هوية له، ما يعني منحه جنسية كاملة، وهو أمر ليس بالسهل، كونه يحتاج الى مرسوم جمهوري. ومع عدم التفاعل الرسمي الواضح في دعم البطولة بشكلٍ مباشر، قد تكون هناك صعوبة للوصول الى هذه الغاية.

وإذ يرى البعض ان الاتحاد المحلي سيلجأ الى أمين عام الاتحاد الآسيوي هاغوب خاتشريان كونه لبنانياً من أجل طلب المساعدة لتمرير المشكلة غير المنتظرة، يرى مراقبون أن الاخير لن يتمكن من المساعدة على هذا الصعيد، كون العيون مفتوحة على لبنان لناحية ملفات التجنيس السابقة وما رافقها، اضافةً الى أن بلداناً اخرى ستطلب تمرير مشكلاتها العالقة على هذا الصعيد، إذ إن الفيليبين مثلاً تواجه مشكلة مماثلة مع توجّه مجنّسها اندراي بلاتشي لرفض القدوم الى بيروت بسبب مخاوف أمنية، وكذلك الامر في ما يخصّ كوريا الجنوبية التي كانت تعمل على تجنيس نجم بطولتها ريكاردو راتليف.

أما الملف الثاني فهو ما جاء على لسان اداري في احد الاندية البارزة، الذي قال إنه في حال مُنح بيل جنسية كاملة فإن عدداً من الاندية لن يرضى بهذه الخطوة، إذ يمكنه العودة الى لبنان للمشاركة كلاعب محلي (مثل جو فوغل واسماعيل احمد)، ما سيؤثر على موازين القوى ويزيد الامور سوءاً بوجود أربعة لاعبين أجانب على ارض الملعب مع أحد الفرق، وخصوصاً مع استمرار اعتماد ذاك القانون المضرّ للعبة، المتمثل باعتماد ثلاثة لاعبين أجانب.

باختصار، منتخب لبنان سيكون في ورطة في حال عدم مشاركة بيل معه في البطولة القارية، والمطلوب هو العمل السريع لتذليل العقبات وتفادي الوقوع في المزيد من الاخطاء الهاوية التي يحاول البعض عبثاً تخبئتها؛ فالمزيد من المخاطرة التي اتُخذت أصلاً لن يؤدي سوى الى أسوأ النتائج التي يؤمل أن تبقى بعيدة عن منتخبنا.

سرّ بطولة الباسكت: «أضعِف عدوَّك»

17-11-2016   الاخبار
لا يخفى أن موسم كرة السلة اللبنانية المُتوقع أن ينطلق في الـ27 من الشهر الحالي سيكون منتظراً أكثر من أي وقتٍ مضى، وذلك وسط الترجيحات باتساع دائرة المنافسة على اللقب، بعدما فرضت سوق الانتقالات معادلات جديدة

شربل كريم
فرقٌ أصبحت أقوى وأخرى أضحت أضعف. هذه هي الصورة العامة التي يمكن الحديث عنها عشية انطلاق بطولة الدرجة الاولى في كرة السلة، المتوقّع ان يكون موسمها حامي الوطيس، وسط الطموحات الكبيرة لفرقٍ عدة لمزاحمة الرياضي حامل اللقب، والذي بدا حتى الاسابيع القريبة الماضية الفريق الذي لا يمكن قهره.

لكن فجأة، ومن دون أي مقدّمات، عاد الرياضي برأي الكثيرين ليكون في نفس مستوى الفرق الاخرى؛ فالخضة التي عرفها النادي البيروتي في الاشهرالاخيرة وارتبطت بوضعه المالي غير المستقر، خرجت الى العلن بضجيج كبير، مع إعلان فك الارتباط مع النجم فادي الخطيب، الذي لا يختلف اثنان على أنه كان القائد الحقيقي للفريق البطل، وخصوصاً عندما لمع أخيراً في بطولة الاندية الآسيوية.

الفريق الاصفر عاد من الساحة القارية واثقاً، لكن علامات التعب جراء مشاكله المعروفة ظهرت في الدورة الأحب على قلبه، أي دورة حسام الدين الحريري التي خرج منها خالي الوفاض، لا بل ان بعض المراقبين يرون ان وضعه أصعب مع عدم توصله الى اتفاق مع هدافه الاميركي ديواريك سبنسر الذي حطّ في المتحد طرابلس.
عموماً، بدا جليّاً ان أي تراجعٍ للرياضي سيفسح في المجال أمام تلك الفرق التي طمحت في الاعوام الاخيرة الى لعب دور البطولة، والدليل إحراز هومنتمن للقب دورة الحسام، ثم احتفاظ بيبلوس بلقب دورة الراحل هنري شلهوب في غياب القطبين الرياضي والحكمة.

الحُكم للعنصر الأجنبي الذي يمكنه ترجيح كفّة أي فريق على آخر

وعند ذكر الحكمة، لا بدّ من التأكيد أن الفريق الاخضر لم يعد ذاك "البعبع" الذي يمكنه ان يخيف خصومه، وذلك بعد خسارته لنجومه المحليين، أمثال ايلي رستم ورودريغ عقل وهايك غيوقجيان، ليتحوّل وصيف بطل لبنان الى فريقٍ عادي رغم وجود "الخارق" تيريل ستوغلين في صفوفه، وقد ثبت هذا الامر في بطولة الاندية العربية التي سجل فيها الحكماويون أسوأ مشاركةٍ لهم على الاطلاق.

وما يمكن اعتباره تراجعاً لدى القطبين، ولو بنسبةٍ مختلفة، هو أفضلية بالنسبة الى الفرق الاخرى، وعلى رأسها هومنتمن الذي يجمع اليوم لاعبين محليين مميزين في كل المراكز، وقد اضيف اليهم الخطيب الذي يفوق حتى اللاعبين الاجانب الرائعين في هذا الفريق قدرةً في امكاناته القيادية والتهديفية، ما يوضح سبب شجاعة رئيس لجنة كرة السلة في النادي الارمني غي مانوكيان على ترشيح فريقه، وبقوة، لإحراز اللقب، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية قبل ايام، وهو الذي كان قد وضع عام 2018 تاريخاً لرفع كأس البطولة، لكن لا شك، مع ما ركّبه وادارة ناديه خلال الصيف، قد يجلب هذه الكأس أسرع مما كان متوقّعاً.

أما ما يتفق عليه الجميع فهو ان العنصر الاجنبي سيرجّح كفة هذا الفريق على الآخر بين فرق تلك الدائرة الضيقة التي تضم المنافسين على اللقب، وهو ما يفسّر المنافسة الضارية لضم بعض الاسماء الاجنبية المعروفة على الساحة المحلية؛ فالمتحد خطف توقيع سبنسر، تاركاً إشارة واضحة حول اهمية استقدام اجانب موثوق بهم وبقدرتهم على إحداث الفارق في بطولة لبنان.
استراتيجية إضعاف الفريق المنافس بضم نجومه المحليين، انتقلت الى الساحة الاجنبية، لإدراك الفرق لأهمية العنصر الاجنبي في التأثير على نتائجها مع استمرار وجود ثلاثة منهم على ارض الملعب، وهو ما دفع مدرب الشانفيل غسان سركيس الى الاعتراف بأن الحُكم سيكون للاجانب، إذ وفق التوليفة الاجنبية، سيُعرف إذا ما كان أي فريقٍ سينافس على اللقب أو سيلقى الفشل.
هذه الاستراتيجية يبدو انها ستُعتمد على نطاقٍ واسع هذا الموسم من قبل فرقٍ عدة، والدليل التوتر الذي تتسم به علاقة المتحد بهومنتمن حالياً جراء رفض النادي الشمالي منح الاستغناء للاميركي مايك تايلور للانضمام الى الفريق الارمني، ما دفع مانوكيان الى التصعيد متوعّداً بالقول: "ردّنا على هذا الامر سيكون على ارض الملعب".
تصريح بسيط يكفي لترك اشارة بسيطة حول ما ستكون عليه الامور على ارض الملعب هذا الموسم.

شربل كريّم عضواً في لجنة الكونغرس

13-04-2016

عيّن الاتحاد الآسيوي للصحافة الرياضية الزميل شربل كريّم عضواً في لجنة الكونغرس التابعة له، ليصبح بالتالي اول لبناني يدخل لجان الاتحاد القاري الذي يرأسه البحريني محمد قاسم.

وبهذا الاختيار سيكون لبنان حاضراً عبر كريم في اهم لجان الاتحاد، بعدما كان رئيس جمعية المحررين الرياضيين الزميل يوسف برجاوي قد انتخب عضوا في اللجنة التنفيذية للاتحاد الآسيوي عام 2012 واستلم امانة الصندوق فيها حتى الانتخابات الاخيرة التي اقيمت في البحرين قبل شهرين، حيث تمّ تكريمه.
وكان الامين العام للاتحاد الآسيوي امجد عزيز ملك قد ابلغ برجاوي في كتابٍ ارسله اليه انه "بناءً على قرار رئيس الاتحاد رقم 2 للعام 2016 والذي نصّ على أن يكون اختيار أعضاء اللجان العاملة بناءً على توصية رئيس اللجنة المعنية أو توصية اللجنة التنفيذية للاتحاد، فقد تمّ اختيار الزميل شربل كريّم عضواً في لجنة الكونغرس".

كريّم كان قد مثّل جمعية المحررين في المؤتمر الـ79 للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الذي اقيم في شباط الماضي في العاصمة القطرية الدوحة، حيث شارك في اجتماعات الكونغرس، واجتماع الاتحاد الآسيوي، اضافةً الى اجتماع المجموعة العربية.

الزميل شربل كريّم الذي ينشط على صعيدَي الصحافة المرئية والمكتوبة، انتسب الى الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية عام 2006، وقبلها بعامين الى جمعية المحررين الرياضيين التي كانت وقتذاك برئاسة الراحل خليل نحاس، وهو قام بتغطية ابرز الاحداث العالمية والالعاب الاولمبية في الرياضات المختلفة، مذ كان كاتباً في الملحق الرياضي لصحيفة "النهار"، قبل ان ينضم الى فريق عمل وكالة الصحافة الفرنسية (AFP)، بموازاة انضمامه الى الاسرة التأسيسية لصحيفة "الاخبار" قبل 10 سنوات. كما عمل معلّقاً على مباريات الدوري اللبناني لكرة القدم في قناة "الجديد" لمدة 3 مواسم، انتقل بعدها الى تلفزيون لبنان ليطلق برنامجه الخاص "TL Sports" بعد تقديم استوديو مباريات كأس العالم 2014 والتعليق عليها عبر الشاشة.

 

 

وفد جمعية المحررين الرياضيين إلى المؤتمر الدولي 2016

06-02-2016

شكلت جمعية المحررين الرياضيين اللبنانيين وفدها إلى المؤتمر الـ79 للاتحاد الدولي للصحافة الرياضية الذي ينعقد في العاصمة القطرية الدوحة من 7 إلى 11 الحالي، من أمين السر الزميل غازي الميقاتي والزميل شربل كريّم.

كذلك سيحضر المؤتمر الزميلان إبراهيم دسوقي ورشيد نصار بدعوة خاصة من لجنة الإعلام الرياضي القطري. وكانت الجمعية قد سمّت رئيسها الزميل يوسف برجاوي لتمثيلها في مؤتمر الاتحاد الآسيوي الذي سينعقد في 11 و12 الحالي في العاصمة البحرينية المنامة، حيث سيشارك برجاوي في اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي بصفته أميناً للصندوق.

وصية شارتييه الأخيرة

شربل كريم
22-12-2014 الاخبار

كان من المفترض ان تلتقي زاوية «خط أبيض» مع الملف الذي يعالجه الملحق اليوم، لكن لم يكن بالامكان المرور على وفاة عملاق الرياضة اللبنانية انطوان شارتييه دون وقفة ستكون حاضرة من دون شك في كل محفلٍ رياضي وفي كل كلمة حق رياضية من الآن وصاعداً.

بالنسبة الى اهل الرياضة فان رحيل «المعلم» شارتييه هو صدمة بحجم تلك الصدمة الوطنية التي عرفها المجتمع الفني خاصةً واللبناني عامةً وتمثلت برحيل الفنانة صباح والشاعر سعيد عقل قبل اسابيع. ورحيل شارتييه لا يمكن ان يكون اساساً مجرد خبرٍ مرّ في صفحاتنا اليومية لانه حتى في موته ترك رسالة لنا يفترض الاتعاظ بها لبلوغ اعلى درجات المنصة التي اعتاد حمل الابطال اليها.
وفي جمعه للعائلة الرياضية وحتى الوطن ترك شارتييه لنا وصيته الاخيرة. وصية قد لا يقرأها الا المؤمن بها او الواعي على حقيقة الحياة والموت الذي لا يمكن صدّه.
في مأتم وحفل تأبين شارتييه كان يمكن قراءة اشياء كثيرة في الوجوه. قراءة الحزن في الدموع التي تسكن العيون. قراءة الذهول المترافق مع صدمة ذاك الخبر البشع الذي نقل الينا وفاة العملاق الراحل. قراءة الوفاء في حزن جهاد سلامة الذي حمل مع شارتييه دائماً أمانة احقاق الحق وتغليبه على الباطل.

هناك في مدينته «مون لا سال» و«قصره» الرياضي، أبى شارتييه الا ان يترك لنا رسائل اخيرة لاتباعها من اجل بلوغنا مثالية عاشها يومياً في عمله التربوي والرياضي، ما افرز محبة لا حدود لها عند كل من عرفه وحتى من لم يعرفه عن كثب، وقد تُرجمت في الحشد الذي سار خلف نعشه في يوم وداعه. وفي هذه المحبة اولى رسائله او وصاياه الاخيرة بأن الرصيد الباقي للانسان بعد رحيله عن هذه الدنيا هو محبة الناس له، وكلمات المترحمين عليه التي لن تسقط على اصحاب الأذى في يوم رحلتهم الاخيرة.

جمع هذه المحبة اهم من جمع الاموال او المناصب التي بلغ الراحل أسماها. لقد وصل شارتييه الى اعلى المناصب والى كل ما يطمح اليه اي ناشطٍ في المجتمع الرياضي، وسيكون شبه مستحيل على ايٍّ كان ان ينسخ ما فعله الرجل طوال مسيرته المجيدة.
بطبيعة الحال، لا احد منا هو شارتييه، أقله في الخط الأبيض الذي رسمه طوال مشواره المشرّف، لكن في النهاية كان القدر اقوى من سلطة اي منصب.
هي وصية أخيرة لا بل رسالة الى المتلهين بالقشور، والى اللاهثين خلف مناصب فانية، او مناصب هامشية يملأون من خلالها فراغاً افرزته عقدٌ مزمنة.

لن يكون أحد انطوان شارتييه جديداً، ولن يكون احد اقوى مما كُتب له، ولن يأخذ معه اي منصب مهما كان كبيراً في نظره.
رسالةُ شارتييه ووصيته كانتا موجّهتين الى شريحة كبيرة تقاتلت وتخاصمت في الأمس القريب، وكانت حاضرة هناك في باحة كنيسة مدرسة «فرير مون لا سال»، وفي قصر الرياضة. ورسالة توجّهت ايضاً الى المسيئين لأنفسهم قبل غيرهم بتناول الآخرين بكلام نميمة مضاد لكلام الحق في يوم رجل الحق وضمير الرياضة.
الوصية الاخيرة مفادها بأنه ليس للكفن جيوب، والموضع الاخير سيكون من خشب لكن لن يكون كرسي احد المناصب.
قال الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في الدنيا الفانية وحقيقتها: «يا أهل الغرور ما ألهجكم بدار خيرها زهيد وشرها عتيد ونعيمها مسلوب ومسالمها محروب ومالكها مملوك وتراثها متروك».

تنظيم بطولة غرب آسيا لألعاب القوى بـ «الدَين والاستجداء» 2011

الاخبار - لبنان

28 / 09 / 2011
بدت الصورة مثالية في بطولة غرب آسيا للناشئين والناشئات في ألعاب القوى، لكن النتائج المميّزة للبنان لا تمحو حرقة المعاناة الناتجة من إهمال الجهات المعنية التي لم تتعاون على النحو المطلوب مع الاتحاد المنظِّم

شربل كريم
معدّات مهترئة، وفود تهجر مقر الإقامة، واتحاد منظِّم «يستجدي» تجهيزات ضرورية من دول شقيقة للحرص على إقامة المسابقات وفق المعايير المطلوبة. هذه ببساطة عيّنة سوداء عمّا كان يدور في كواليس بطولة غرب آسيا للناشئين والناشئات في ألعاب القوى، التي نجح الاتحاد اللبناني فيها فنياً عبر النتائج التي حققها منتخبه، لكن النجاح التنظيمي بقي معلّقاً وسط ملاحظات بعض الوفود المشاركة، في الوقت الذي رفع فيه الاتحاد المسؤولية عنه في هذا الشأن، على اعتبار أنه لم يلقَ التجاوب المطلوب من الجهات المعنية بالتعاون في أمور تنظيمية أساسية.

القصة بدأت قبل شهرين عندما أرسل الاتحاد اللبناني لألعاب القوى كتاباً الى وزارة الشباب والرياضة طالباً فيه استضافة البطولة بنسختها الأولى، فجاء ردّ المدير العام زيد خيامي بالموافقة. الاتحاد تحرّك بسرعة، ولو متأخراً، في مسألة تقديم موازنة للاستضافة بلغت قيمتها 90 الف دولار، من ضمنها مبلغ لشراء جهاز
الـ «فوتوفينيش»، فجاءه وعد، لا أكثر، بمحاولة توفير هذا المبلغ.

من هنا، نُظّمت البطولة بالدَّين، إذ إن الحكام لم يتقاضوا أتعابهم، وعدم وجود ميزانية قلّص العدد المطلوب على مضماري المدينة الرياضية والمدينة الجامعية. كذلك، أصبح للجهة التي تولّت نقل الوفود مبلغ في ذمة الاتحاد، الذي سينتظر حصوله على الـ 90 الف دولار لتسديد ديونه.
تعاون الوزارة كان حاضراً في تقديم منشآت المدينة الرياضية والمدينة الجامعية في الحدث. وطبعاً هذه التقديمات لا تكلّف الوزارة شيئاً، لكن حتى في هذه الخطوة كان التعاون بطيئاً، وأثّر تأثيراً كبيراً في سرعة الاستعدادات التي كانت جارية لإخراج الاستضافة بأفضل صورة.

ومن خلال الوضع الذي بدت عليه التجهيزات التي استُعملت خلال المسابقات، كان يمكن قراءة ما حصل، إذ إن معظم هذه التجهيزات أُصيبت بالاهتراء أو بالضرر بالنظر الى تخزينها في غرف في المدينة الرياضية، تصلها الأمطار والصرف الصحي أحياناً. وسبق أن طلب اتحاد ألعاب القوى من الوزير السابق علي عبد الله تسلّم هذه التجهيزات بعد انتهاء دورة الألعاب الفرنكوفونية، لكن من دون جدوى. وقد جاء هذا الطلب بناءً على معرفة القيّمين قيمة التجهيزات التي تصل الى 200 الف دولار، وبالتالي يجب حفظها في مكان أفضل، وإجراء جردة تخوّل الاتحاد التعرّف على أي نقص قبل استضافة البطولات، لكن بقاء هذه التجهيزات في «الأسر» مع الوزارة الجديدة، والتأخر في فتح الأبواب أمام الاتحاد، وبالتالي عدم معرفته بالنواقص، دفعته مجتمعةً الى «استجداء» مطرقتين من نظيره الأردني لإقامة منافسات رمي المطرقة، والى الطلب من نظيره السوري استعارة أقراص لمسابقة رمي القرص، فضلاً عن استعارته الـ «فوتوفينيش» من نظيره السعودي!

ومن المدينة الرياضية الى المدينة الجامعية، فقد جرى تجاهل الكتاب الذي أرسله الاتحاد الى رئيسها الدكتور زهير شكر بخصوص استضافتها للوفود. وهنا تدخلت الوزارة في «الوقت القاتل» فأعدّت بدورها كتاباً مماثلاً، لكن المفارقة أنها طلبت من الاتحاد إرسال شخص لإيصاله الى ادارة الجامعة لتعذّر وجود من يقوم بهذا العمل البسيط لديها!
وبالفعل، جاءت الموافقة الاثنين بعد الظهر، أي قبل يوم واحد من وصول الوفد العراقي، الذي رفض فوراً الإقامة في الجامعة «المهجورة» بسبب الوضع المزري للغرف الوسخة، فذهب الى فندق على حسابه الخاص، قبل وصول شركة التنظيفات التي أرسلها الاتحاد لإجراء المطلوب، ثم لحق به الوفد السوري قبل ليلة على انتهاء البطولة بسبب شعور رياضييه بالإقامة في سجن، بالنظر الى أن الغرف غير مجهّزة بالتلفزيونات أو الإنترنت.

أما عند السؤال عما سيترتب جراء هذه الثغر التنظيمية، فيأتي الجواب بأنه جرت «ضبضبة» الأمور مع الأشقاء العرب، بينما سجّلت الوزارة يتيماً آخر في عائلتها الكبيرة.

مونديال 2010

30 / 06 / 2010

شربل كريم
الانتقادات تنهال من كل حدبٍ وصوب على المنتخب البرازيلي المتهم اليوم بخيانة «التراث» الكروي في بلاده، لأنه لم «يتفنّن» في الانتصارات التي حققها حتى الآن في كأس العالم لكرة القدم.

وتضمّ جوقة المنتقدين أطرافاً برازيلية عدة، لعل أبرزها الصحافة المحلية التي تنتظر فشل المدرب كارلوس دونغا لـ«ذبحه» أو بالأحرى لتجد مادة دسمة تكتب عنها، إذ ليس هناك من عناوين مثيرة عن رقصٍ للسامبا على أرضية الميدان أو لنجمٍ يصنع العجائب على صورة رونالدو أو ريفالدو، بل فجأة عاد «الملك» بيليه نجماً مطلقاً في الكرة البرازيلية واحتلت تصاريحه العناوين العريضة لأنه ببساطة من منتقدي أسلوب «السيليساو».

أيّام بيليه وغارينشا وريفيلينو وزيكو ولّت إلى غير رجعةوانطلاقاً من هذه الأجواء، يمكن القول بعد أربع مباريات لعبها المنتخب البرازيلي إن هذه المجموعة وبالتعليمات الفنية التي أعطيت لها، لن تقدّم كرة برازيلية كلاسيكية أي المتعة في موازاة النتائج الثمينة. لكن هذا ليس بالأمر المعيب، ولو أنه خسارة جديدة للقيمة الفنية للمونديال وللكرة البرازيلية عموماً، إذ إن الواقعية أصبحت كل شيء في كرة القدم الحديثة، ودونغا يعلم تماماً هذا الأمر استناداً الى التجارب السابقة حيث فازت فرنسا والبرازيل وإيطاليا على التوالي باللقب العالمي بأسلوبٍ مشابه.

باختصار، أدرك دونغا أنه إذا ما أراد الخروج منتصراً يفترض عليه مجاراة الأساليب المتبعة في العالم أو لنحدد أكثر الأساليب التي اعتاد عليها نجومه، إذ من الصعب عليه مثلاً «غسل دماغ» الثنائي الدفاعي مايكون ولوسيو اللذين انغمسا في الأسلوب الإيطالي الصرف بعد موسمٍ «دفاعي» خاضاه بإشراف البرتغالي جوزيه مورينيو في إنتر ميلانو.

ويذكّرنا ما يرسمه دونغا بما خطّه إيميه جاكيه مع فرنسا في 1998، إذ لم يكن سر نجاح المنتخب الفرنسي في بزوغ نجم زين الدين زيدان فقط، لأن «الديوك» اعتمدوا على دفاعٍ قويّ وعلى خط وسط عماده لاعبان مدافعان (ديدييه ديشان وإيمانويل بوتي). وتكرّر هذا الأمر مع برازيل لويز فيليبي سكولاري في 2002 عندما لعب بثلاثة مدافعين أقوياء (لوسيو وإدميلسون وروكي جونيور) ولاعبي وسط مقاتلين (جيلبرتو سيلفا وكليبرسون) فأصاب النجاح غير المتوقع.

 وفي 2006 أطلق الإيطاليون أسلوبهم الدفاعي المنضبط مع توازنٍ هجومي فغنموا لقباً لم يكونوا مرشحين لإحرازه قبل البطولة.

إذاً، لا بدّ من تسجيل قناعةٍ وهي أن المنتخب البرازيلي الحالي يتمتع بشخصية المنتخب الذي يفوز باللقب عادة، وخصوصاً أنه يسير في مستوى تصاعدي، ويقدّم لاعبوه ما تفرضه عليهم المباراة لا أكثر، وخصوصاً أنهم يعرفون أنه إذا نال التعب منهم بعد موسمٍ طويل خاضوه على أعلى مستوى في البطولات الأوروبية المختلفة، فإن الخروج المرير سيكون في انتظارهم.

ويضاف الى الصلابة الدفاعية التي يتمتع بها «السيليساو» قدرة مدافعيه الأربعة على زيادة الفعالية الهجومية، إذ بإمكان أي منهم الوصول الى الشباك بطريقة سهلة، وهي نقطة تبدو شبه مفقودة عند كل المنتخبات التي تقف في الدور ربع النهائي.
ليس غريباً أن يكون البرازيليون مطالبين بأكثر مما يقدّمونه الآن، لكن لا بدّ للجميع أن يعلم بأن أيام بيليه وغارينشا وريفيلينو وزيكو قد ولّت الى غير رجعة، ومنتخب 2010 يمكنه إضافة نجمة ذهبية سادسة على القميص الأصفر.
 

عودة الى الصحافة

abdogedeon@gmail.com

ABDO GEDEON   توثيق