عبده جدعون على موقع ملاعب

رؤيتي في الرياضة اللبنانية

رؤيتي في الرياضة اللبنانية

04-02-2021

هذه "رؤيا"، ولَيست كِتابةً عن مُجريات إنتخابية ومُنافسات فنيّة في الملاعب والصالات، إنما إستذكار لما عايشت مِن مراحل بيضاء لأكثر من خمسة عقود من الزمن، أستذكر فيها من الماضي البعيد خلال الستينات والسبعينيات، أصحاب الفِكر الرياضي الصحيح، سأذكر بعضا منهم لا حصرا وذلك لما بقي لي من ذاكرة بَعد هذا العمر في المجال الرياضي.

أقربهم إلي وأنا قريب جدا من شخصيات وطني مع هؤلاء السادة: "ضمير الرياضة" انطوان شارتييه من نادي القلب الأقدس، والمحامي سامي لحود رئيس إتحاد "الكرة الطائرة" ونائبه عبد الودود رمضان، ومدحت قزيحة رئيس نادي القلمون، وأنيس صوايا وحليم نهرا "الأرشمندريت لآحقا" وايلي نهرا من الشوير ونادي الهدى، وبطرس خليفة وبهجت وفايز لحود وفوزي كرم من عمشيت، وعدنان مطر وصباح باز في إتحاد التنس، وايلي كوبالي وجوزف نالبانديان في كرة القدم، وبطرس مبارك من نادي الحكمة بيروت، وجورج الهاني في إتحاد كرة الطاولة، ومعلمي الذي أفتخر به نقولا غلام من نادي الكهرباء، والفرد الدبس وطانيوس المير من إتحاد الدرّاجات، وانطوان الزايك من إتحاد الكونغ فو، والمغاوير ناصيف مجدلاني وفؤاد رستم ونعيم نعمان في الصحافة الرياضية، والياس حنا في التزلج، وميشال ناكوزي في الجودو، ومليح عليوان في القوة البدنية.

منهم من رحل إلى دُنيا الحقْ ومنهم أطال الله بعمرهم، والكثير من الأجلاء الأكارم، لم يتسنّ لي شرف معرفتهم شخصيا.

أستذكرهم اليوم وأنا مشتاق إلى أسلوب عملهم وطريقة تعاطيهم في الشأن الرياضي العام، مشتاق إلى قيَمِهم وأخلاقهم ومعاييرهم في العمل، وكيف كانوا يُغدقون المعنويات بالعقلية الخلاّقة لتقوية مداميك قطاع الرياضة في الوطن، بِدءا من إبعاد الفساد الأخلاقي عن المنظومة الرياضية بكامها، مُحذّرين مُستبقين الأمور قبل أن يلتهم مسؤولو المجالس والأرض ومكوّناته.

يهمّني في هذا السياق، أنْ أُكاشفَ القراء بمسألةٍ على قدْرٍ عَميقٍ من الأهمّيّة الشخصيّة، وهي أنّي أشعر يوميًّا لدى الكتابة بمسؤوليّةٍ عظمى، تتخطّى حدودي وإمكاناتي المتواضعة جدًّا، وتتخطّى في الآن نفسه آفاقَ التفاعل المتواضع مع هذه الكتابة.

فأنا أكتب دون هوادة، لأنّي منهمك بقضيّةٍ "أخلاقيّة"، تتعلّق بالأصول التي إنقرضتْ أو كادت، وأقصد بالأخلاق: فساد المفاهيم والمعايير، الذي بات يَستوْلي على عقول شباب وشابات جيل المستقبل، ولأنّي مقتنعٌ أن في الإعادة إفادة، ليَعلَم من يهمّه الأمر بأن لا فائدةَ من توقّعِ أيِّ خلاصٍ، خارج إستعادة مَفهوم "الأخلاق" في العمل الرياضي والوطنيّ، وفي كلّ مجالٍ مرتبطٍ  بإدارة الشأن العامّ.

حين كان هؤلاء في سدّة المسؤولية القيادية كان الهَلَع يسْتولي صغائر النفوس ويلْحق بهم حتى إلى مضاجعهم. من كان يَجروء على التحكّم في شؤون الآخرين من مكونات القطاع؟. حين تكون قيادات القطاع ممْسوكة من قيادة مسؤولة تفرض وجودها على الواقع دون تمييز أو إستئثار.

ما كانت النجاحات الماضية التي نتغنّى بها ألآن أنجِزَت ونحْلم بإستكمالها، كانت قيمة وطنية، ودلالة ممارسة، وفاعلية على الأرض، أنجِزت بفضْل المفاهيم والمعايير وعقلية ثقافية وأخلاقية التي أسسها هؤلاء وصحبهم، حتى لا نندرج في مستنقع الفساد والتحكّم بإدارات القطاع العامة والخاصة.

فحوى هذه "الرؤيا" أنّ هناك "شرًّا" لا بدّ منه. يجب تهْذيب هؤلاء بمنْطِق القانون ونَعمل لعودتهم إلى الأصالة بعد عرْضِهم على محللين نفسيين أو القصاص لهم عَلَناَ بحسب النظام، ليكونوا عبْرةً للأخلاق والمعايير والمفاهيم، حين يُستخَفّ بها، وحين ربّما يَخطر في بال أحدهم في يومٍ من الأيّام، أنْ يتطاول عليها بإعتبارها مكْسر عصا، ليقفز فوق عَظَمتها، وصولًا الى سدّة مسؤولية.

نقولها بصراحة كما تربّينا، لا تَجميل فيها ولا تدوير للزوايا، إما تزول بسلطة القانون هذه البذور نهائيا، وإما أن تكون سدّة المسؤولية للأكفاء والناجحين بالتضامن والتوافق مع الأصحاء، ولا مجال لحلّ آخر.

صدَق الشاعر والأديب أحمد شوقي حين قال: "إنما الأمم والأخلاق ما بَقيت، فإن همْ ذهَبت أخلاقهم ذهبوا".

عبدو جدعون

فهرس عبدو

عودة الى نهار الرياضة

جميع الحقوق محفوظة © 2021

abdogedeon@gmail.com

ABDO GEDEON   توثيق